الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٥٢
ولو فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم.
____________________
بعد ذلك فحد جاز أن يتزوجها. وعند أبى يوسف وزفر والحسن بن زياد والشافعي رضي الله عنهم هي فرقة بغير طلاق توجب تحريما مؤبدا ليس لهما أن يجتمعا بعد ذلك بوجه. وروى " أن آية القذف لما نزلت قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فقام عاصم بن عدي الأنصاري رضي الله عنه فقال: جعلني الله فداك، إن وجد رجل مع امرأته رجلا فأخبر جلد ثمانين وردت شهادته أبدا وفسق، وإن ضربه بالسيف قتل، وإن سكت سكت على غيظ، وإلى أن يجئ بأربعة شهداء فقد قضى الرجل حاجته ومضى، اللهم افتح، وخرج فاستقبله هلال بن أمية أو عويمر فقال: ما وراءك؟ قال: شر، وجدت على بطن امرأتي خولة وهى بنت عاصم شريك ابن سحماء، فقال: هذا والله سؤال ما أسرع ما ابتليت به، فرجعا فأخبر عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلم خولة فقالت: لا أدرى ألغيرة أدركته أم بخلا على الطعام، وكان شريك نزيلهم. وقال هلال: لقد رأيته على بطنها فنزلت ولاعن بينهما وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند قوله وقولها - أن لعنة الله عليه - أن غضب الله عليها: آمين وقال القوم آمين وقال لها: إن كنت ألممت بذنب فاعترفي به فالرجم أهون عليك من غضب الله إن غضبه هو النار، وقال: تحينوا بها الولادة فإن جاءت به أصهب أثيبج يضرب إلى السواد فهو لشريك، وإن جاءت به أورق جعدا جماليا خدلج الساقين فهو لغير الذي رميت به. قال ابن عباس رضي الله عنهما: فجاءت بأشبه خلق الله لشريك، فقال صلى الله عليه وسلم: لولا الايمان لكان لي ولها شأن ". وقرئ ولم تكن بالتاء لان الشهداء جماعة، أو لانهم في معنى الأنفس التي هي بدل. ووجه من قرأ أربع أن ينتصب لأنه في حكم المصدر والعامل فيه المصدر الذي هو فشهادة أحدهم وهى مبتدأ محذوف الخبر تقديره: فواجب شهادة أحدهم أربع شهادات بالله. وقرئ أن لعنة الله وأن غضب الله على تخفيف أن ورفع ما بعدها. وقرئ أن غضب الله على فعل الغضب. وقرئ بنصب الخامستين على معنى وتشهد الخامسة. فإن قلت: لم خصت الملاعنة بأن تخمس بغضب الله؟ قلت: تغليظا عليها لأنها هي أصل الفجور ومنبعه بخلابتها وإطماعها ولذلك كانت مقدمة في آية الجلد، ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم لخولة " فالرجم أهون عليك من غضب الله ". الفضل التفضل، وجواب لولا متروك وتركه دال على أمر عظيم لا يكتنه، ورب مسكوت عنه أبلغ من منطوق به. الإفك: أبلغ ما يكون من الكذب والافتراء، وقيل هو البهتان لا تشعر به حتى يفجأك، وأصله الإفك وهو القلب لأنه قول مأفوك عن وجهه، والمراد ما أفك به على عائشة رضي الله عنها. والعصبة: الجماعة من العشرة إلى الأربعين وكذلك العصابة واعصوصبوا اجتمعوا، وهم عبد الله بن أبي رأس النفاق، وزيد بن رفاعة وحسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش ومن ساعدهم. وقرئ كبره بالضم والكسر وهو عظمه، والذي تولاه عبد الله لامعانه في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهازه الفرص وطلبه سبيلا أي الغميزة: أي يصيب كل خائض في حديث الإفك من تلك العصبة نصيبه من الاثم على مقدار خوضه. والعذاب العظيم لعبد الله لان معظم الشركان منه. يحكى أن صفوان رضي الله عنه مر بهودجها عليه وهو في ملا من قومه فقال: من هذه؟ فقالوا: عائشة رضي الله عنها، فقال: والله ما نجت منه ولا نجا منها، وقال: امرأة نبيكم باتت مع رجل حتى أصبحت ثم جاء يقودها. والخطاب
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»