الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٤٣٣
إنه هو السميع البصير * لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسئ قليلا ما تتذكرون * إن الساعة لآتية لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون * وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي
____________________
إليه من كيد من يحسدك ويبغى عليك (إنه هو السميع) لما تقول ويقولون (البصير) بما تعمل ويعملون فهو ناصرك عليهم وعاصمك من شرهم. فإن قلت: كيف اتصل قوله (لخلق السماوات والأرض) بما قبله؟ قلت: إن مجادلتهم في آيات الله كانت مشتملة على إنكار البعث وهو أصل المجادلة ومدارها، فحجوا بخلق السماوات والأرض لأنهم كانوا مقرين بأن الله خالقها بأنها خلق عظيم لا يقادر قدره وخلق الناس بالقياس إليه شئ قليل مهين، فمن قدر على خلقها مع عظمها كان على خلق الإنسان مع مهانته أقدر، وهو أبلغ من الاستشهاد بخلق مثله (لا يعلمون) لأنهم لا ينظرون ولا يتأملون لغلبة الغفلة عليهم واتباعهم أهواءهم. ضرب الأعمى والبصير مثلا للمحسن والمسئ. وقرئ يتذكرون بالياء والتاء، والتاء أعم (لا ريب فيها) لابد من مجيئها ولا محالة وليس بمرتاب فيها لأنه لابد من جزاء (لا يؤمنون) لا يصدقون بها (ادعوني) اعبدوني والدعاء بمعنى العبادة كثير في القرآن ويدل عليه قوله تعالى - إن الذين يستكبرون عن عبادتي - والاستجابة: الإثابة. وفي تفسير مجاهد: اعبدوني أثبكم وعن الحسن وقد سئل عنها: اعملوا وأبشروا فإنه حق على الله أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله. وعن الثوري أنه قيل له ادع الله فقال: إن ترك الذنوب هو الدعاء، وفي الحديث " إذا شغل عبدي
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»