الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٢٥٨
* وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطؤها وكان الله على كل شئ قديرا يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن
____________________
للمهاجرين دون الأنصار، فقالت الأنصار في ذلك فقال: إنكم في منازلكم. وقال عمر رضي الله عنه: أما تخمس كما خمست يوم بدر.؟ قال: لا إنما جعلت هذه لي طعمة دون الناس، قال: رضينا بما صنع الله ورسوله " (وأرضا لم تطؤوها) عن الحسن رضي الله عنه فارس والروم. وعن قتادة رضي الله عنه: كنا نحدث أنها مكة.
وعن مقاتل رضي الله عنه: هي خيبر. وعن عكرمة: كل أرض تفتح إلى يوم القيامة، ومن بدع التفاسير أنه أراد نساءهم. أردن شيئا من الدنيا من ثياب وزيادة نفقة وتغايرن، فغم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت، فبدأ بعائشة رضي الله عنها وكانت أحبهن إليه فخيرها وقرأ عليها القرآن، فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة، فرؤى الفرح في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم اختارت جميعهن اختيارها فشكر لهن الله ذلك، فأنزل - لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج - روى " أنه قال لعائشة: إني ذاكر لك أمرا ولا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك، ثم قرأ عليها القرآن فقالت: أفي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة " وروى " أنها قالت: لا تخبر أزواك أني اخترتك، فقال: إنما بعثني الله مبلغا ولم يبعثني متعنتا ". فإن قلت: ما حكم التخيير في الطلاق؟ قلت: إذا قال لها اختاري فقالت اخترت نفسي، أو قال:
اختاري نفسك فقالت اخترت، لابد من ذكر النفس في قول المخير أو المخيرة وقعت طلقة بائنة عند أبي حنيفة وأصحابه، واعتبروا أن يكون ذلك في المجلس قبل القيام أو الاشتغال بما يدل على الاعراض. واعتبر الشافعي اختيارها على الفور وهي عنده طلقة رجعية وهو مذهب عمر وابن مسعود. وعن الحسن وقتادة والزهري رضي الله عنهم أمرها بيدها في ذلك المجلس وفي غيره، وإذا اختارت زوجها لم يقع شئ بإجماع فقهاء الأمصار. وعن عائشة رضي الله عنها " خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه ولم يعده طلاقا " وروى أفكان طلاقا. وعن علي رضي الله عنه: إذا اختارت زوجها فواحدة رجعية، وإن اختارت نفسها فواحدة بائنة. وروى عنه أيضا أنها إن اختارت زوجها فليس بشئ. أصل تعال أن يقوله من في المكان المرتفع لمن في المكان المستوطئ ثم كثر حتى استوت في استعماله الأمكنة، ومعنى تعالين: أقبلن بإرادتكن واختيار كن لاحد أمرين، ولم يرد نهوضهن إليه بأنفسهن كما تقول: أقبل يخاصمني وذهب يكلمني وقام يهددني (أمتعكن) أعطكن متعة الطلاق. فإن قلت:
المتعة في الطلاق واجبة أم لا؟ قلت: المطلقة التي لم يدخل بها ولم يفرض لها في العقد متعتها واجبة عند أبي حنيفة وأصحابه، وأما سائر المطلقات فمتعتهن مستحبة. وعن الزهري رضي الله عنه: متعتان إحداهما يقضى بها السلطان من طلق قبل أن يفرض ويدخل بها، والثانية حق على المتقين من طلق بعد ما يفرض ويدخل. وخاصمت امرأة إلى شريح في المتعة فقال: متعها إن كنت من المتقين ولم يجبره. وعن سعيد بن جبير رضي الله عنه: المتعة حق مفروض وعن الحسن رضي الله عنه: لكل مطلقة متعة إلا المختلعة والملاعنة. والمتعة درع وخمار وملحفة على حسب السعة والأقتار، إلا أن يكون نصف مهرها أقل من ذلك فيجب لها الأقل منهما، ولا تنقص من خمسة دراهم لان أقل المهر عشرة دراهم فلا ينقص من نصفها. فإن قلت: ما وجه قراءة من قرأ أمتعكن وأسرحكن بالرفع؟ قلت: وجهه
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»