التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٦٠
يعده الباقون.
حكى الله تعالى عن الكفار الذين تقدم وصفهم انهم يقولون بعد حصولهم في النار والعذاب يا (ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين) قال السدي الإماتة الأولى في الدنيا والثانية في البرزخ إذا أحيي للمسألة قبل البعث يوم القيامة، وهو اختيار الجبائي والبلخي. وقال قتادة: الإماتة الأولى حال كونهم نطفا فأحياهم الله، ثم يميتهم، ثم يحيهم يوم القيامة. وفي الناس من استدل بهذه الآية على صحة الرجعة، بأن قال: الإماتة الأولى في دار الدنيا والاحياء الأول حين إحيائهم للرجعة، والإماتة الثانية بعدها. والاحياء الثاني يوم القيامة، فكأنهم اعتمدوا قول السدي، ان حال كونهم نطفا لا يقال له إماتة، لان هذا القول يفيد إماتة عن حياة والاحياء يفيد عن إماتة منافية للحياة وإن سموا في حال كونهم نطفا مواتا. وهذا ليس بقوي لأنه لو سلم ذلك لكان لابد من أربع احياءات وثلاث إماتات أول إحياء حين أحياهم بعد كونهم نطفا، لان ذلك يسمى احياء بلا شك. ثم إماتة بعد ذلك في حال الدنيا. ثم أحياء في القبر ثم إماتة بعده ثم إحياء في الرجعة ثم إماتة بعدها. ثم إحياء يوم القيامة لكن يمكن أن يقال: إن إخبار الله عن الاحياء مرتين والإماتة مرتين لا يمنع من احياء آخر وإماتة أخرى، وليس في الآية انه أحياهم مرتين وأماتهم مرتين بلا زيادة، فالآية محتملة لما قالوه ومحتملة لما قاله السدي، وليس للقطع على أحدهما سبيل. قال ابن عباس وعبد الله والضحاك:
هو كقوله (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحيكم ثم إليه ترجعون) (1).
وقوله (فاعترفنا بذنوبنا) إخبار منه تعالى أن الكفار يعترفون بذنوبهم

(1) سورة 2 البقرة آية 28
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست