التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٦٢
التي لا يشاركه فيها غيره. وقال الجبائي: معناه السيد الجليل. ثم قال تعالى (هو الذي يريكم آياته) يعني حججه ودلائله (وينزل من السماء رزقا) من الغيث والمطر الذي ينبت ما هو رزق الخلق (وما يتذكر إلا من ينيب) أي ليس يتفكر في حقيقة ذلك إلا من يرجع إليه. وقال السدي: معناه إلا من يقبل إلى طاعة الله.
ثم امر الله تعالى المكلفين، فقال (فادعوا الله مخلصين له الدين) أي وجهوا عبادتكم إليه تعالى وحده (ولو كره) ذلك (الكافرون) فلا تبالوا بهم.
ثم رجع إلى وصف نفسه فقال (رفيع الدرجات) وقيل معناه رفيع طبقات الثواب التي يعطيها الأنبياء والمؤمنين في الجنة (ورفيع) نكرة أجراها على الاستئناف أو على تفسير المسألة الأولى، وتقديره، وهو رفيع (ذو العرش) بأنه مالكه وخالقه ومعناه عظيم الثواب لهم والمجازاة على طاعتهم (يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده) قيل: الروح القرآن وكل كتاب أنزله الله على نبي من أنبيائه وقيل: معنى الروح - ههنا - الوحي، لأنه يحيا به القلب بالخروج من الجهالة إلى المعرفة ومنه قوله (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا) (1) ذكره قتادة والضحاك وابن زيد. وقيل: الروح - ههنا - النبوة، وتقديره لينذر من يلقي عليه الروح يوم التلاق: من يختاره لنبوته ويصطفيه لرسالته. وقوله (لينذر يوم التلاق) أي ليخوف يوم يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض - في قول قتادة والسدي وابن زيد - وقيل يوم يلقى فيه المرؤ عمله، وهو يوم القيامة حذر منه، وقيل يوم يلتقي فيه الأولون والآخرون. والضمير في قوله (لينذر كناية) عن النبي صلى الله عليه وآله. ويحتمل أن يكون فيه ضمير الله، والأول أجود، لأنه قد قرئ

(1) سورة 42 الشورة آية 52
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست