التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٩
قال أبو عبيدة: معناه جماعات في تفرقة بعضهم في أثر بعض (حتى إذا جاؤها) يعني جاؤوا جهنم (فتحت أبوابها) أي أبواب جهنم (وقال لهم خزنتها) الموكلون بها على وجه الانكار عليهم والتهجين لفعلهم (ألم يأتكم رسل منكم) يعني من أمثالكم من البشر (يتلون) أي يقرؤن (عليكم آيات ربكم) أي حجج ربكم، وما يدلكم على معرفته ووجوب عبادته (وينذرونكم لقاء يومكم هذا) أي ويخوفونكم من مشاهدة هذا اليوم وعذابه، فيقول الكفار لهم (بلى) قد جاءتنا رسل ربنا، وخوفونا لأنه لا يمكنهم جحد ذلك لحصول معارفهم الضرورية (ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين) ومعناه أنه وجب العقاب على من كفر بالله، لأنه تعالى اخبر بذلك وعلم من يكفر ويوافي بكفره، فقطع على عقابه، فلم يكن يقع خلاف ما علمه واخبر به، فصار كوننا في جهنم موافقا لما أخبر به تعالى وعلمه، فيقول لهم عند ذلك الملائكة الموكلون بجهنم (ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها) أي مؤبدين لا آخر لعقابكم ثم قال تعالى (فبئس مثوى) أي بئس مقام (المتكبرين) جهنم. ثم اخبر تعالى عن حال أهل الجنة بعد حال أهل جهنم فقال (وسيق الذين اتقوا ربهم " باجتناب معاصيه وفعل طاعاته " إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها " وإنما جاء في الجنة، وفتحت أبوابها بالواو، وفى النار فتحت بغير واو، لأنه قيل: أبو أب النار سبعة، وأبو أب الجنة ثمانية، ففرق بينهما للايذان بهذا المعنى، قالوا: لان العرب تعد من واحد إلى سبعة وتسميه عشرا ويزيدون واوا تسمى واو العشر، كقوله " التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف " ثم قال (والناهون عن
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست