التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٨٩
لم يشهدوا ذلك، ولم يخبرهم عنه مخبر؟!.
لما اخبر الله تعالى عن الكفار انهم جعلوا له من عباده جزءا على ما فسرناه، وحكم عليهم بأنهم يجحدون نعمه ويكفرون أياديه، فسر ذلك وهو انهم قالوا " أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين " في هذا القول حجة عليهم لأنه ليس بحكيم من يختار لنفسه أدون المنزلتين ولغيره أعلاهما، فلو كان على ما يقول المشركون من جواز اتخاذ الولد عليه لم يتخذ لنفسه البنات ويصفيهم بالبنين فغلطوا في الأصل الذي هو جواز اتخاذ الولد عليه، وفي البناء على الأصل باتخاذ البنات، فنعوذ بالله من الخطاء في الدين. ومعنى (أصفاكم) خصكم وآثركم بالذكور واتخذ لنفسه البنات.
ثم قال تعالى " وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا " يعني إذا ولد لواحد منهم بنت حسب ما أضافوها إلى الله تعالى ونسبوها إليه على وجه المثل لذلك " ظل وجهه مسودا " أي متغيرا مما يلحقه من الغم بذلك حتى يسود وجهه ويربد " وهو كظيم " قال قتادة معناه حزين، وفى هذا أيضا حجة عليهم لان من اسود وجهه بما يضاف إليه مما لا يرضى فهو أحق ان يسود وجهه بإضافة مثل ذلك إلى من هو اجل منه، فكيف إلى ربه.
ثم قال تعالى على وجه الانكار لقولهم " أو من ينشؤ في الحلية " قال ابن عباس " أو من ينشوء في الحلية " المراد به المرأة. وبه قال مجاهد والسدي، فهو في موضع نصب والتقدير أو من ينشؤ في الحلية يجعلون. ويجوز أن يكون الرفع بتقدير أولئك ولده على ما قالوا هم بناته يعني من ينشؤ في الحلية على وجه التزين بها يعني النساء في قول أكثر المفسرين. وقال أبو زيد: يعني الأصنام. والأول أصح " وهو في الخصام غير مبين " في حال الخصومة، فهو ناقص عمن هو بخلاف هذه الصفة من
(١٨٩)
مفاتيح البحث: الحج (2)، الضرب (1)، الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست