التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٨٥
سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين (13) وإنا إلى ربنا لمنقلبون (14) وجعلوا له من عباده جزءا إن الانسان لكفور مبين) (15) خمس آيات بلا خلاف.
يقول الله تعالى إن الذي جعل لكم الأرض مهدا لتهتدوا إلى مراشدكم في دينكم ودنياكم هو " الذي نزل من السماء ماء " يعني غيثا ومطرا (بقدر) أي على قدر الحاجة لا زيادة عليها فيفسد ولا ناقصا عنها فيضر ولا ينفع، بل هو مطابق للحاجة وبحسبها وذلك يدل على أنه واقع من مختار يجعله على تلك الصفة قد قدره على ما تقتضيه الحكمة لعلمه بجميع ذلك.
وقوله " فانشرنا به بلدة ميتا " أي أحييناها بالنبات بعد أن كانت ميتا بالقحل والجفاف تقول: أنشر الله الخلق فنشروا أي أحياهم فحييوا، ثم قال " وكذلك تخرجون " أي مثل ما أخرج النبات من الأرض اليابسة فأحياها بالنبات مثل ذلك يخرجكم من القبور بعد موتكم، وإنما جمع بين أخراج الانبات وإخراج الأموات لان كل ذلك متعذر على كل قادر إلا القادر لنفسه الذي لا يعجزه شي ء ومن قدر على أحدهما قدر على الآخر بحكم العقل.
وقوله " والذي خلق الأزواج كلها " معناه الذي خلق الاشكال من الحيوان والجماد من الحيوان الذكر والأنثى ومن غير الحيوان مما هو متقابل كالحلو والحامض والحلوا والمر والرطب واليابس وغير ذلك من الاشكال. وقال الحسن: الأزواج الشتاء والصيف، والليل والنهار، والشمس والقمر، والسماء والأرض، والجنة والنار
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست