التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٩٦
عليهم فاعتقدوا أن من كان كذلك كان أولى بالنبوة. وهذا غلط لان الله تعالى يقسم الرحمة بالنبوة كما يقسم الرزق في المعيشة على حسب ما يعلم من مصالح عباده فليس لأحد ان يتحكم في شئ من ذلك. فقال تعالى على وجه الانكار عليهم والتهجين لقولهم (أهم يقسمون رحمة ربك) أي ليس لهم ذلك بل ذلك إليه تعالى.
ثم قال تعالى (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا) وقيل: الوجه في اختلاف الرزق بين الخلق في الضيق والسعة زيادة على ما فيه من المصلحة إن في ذلك تسخير بعض العباد لبعض باحواجهم إليهم، لما في ذلك من الأحوال التي تدعو إلى طلب الرفعة وارتباط النعمة ولما فيه من الاعتبار بحال الغنى والحاجة، وما فيه من صحة التكليف على المثوبة.
ثم قال تعالى (ورحمة ربك خير مما يجمعون) يعني رحمة الله ونعمه من الثواب في الجنة خير مما يجمعه هؤلاء الكفار من حطام الدنيا.
ثم اخبر تعالى عن هوان الدنيا عليه وقلة مقدارها عنده بأن قال (ولولا أن يكون الناس أمة واحدة) أي لولا أنهم يصيرون كلهم كفارا (لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون) استحقارا الدنيا وقلة مقدارها ولكن لا يفعل ذلك، لأنه يكون مفسدة. والله تعالى لا يفعل ما فيه مفسدة.
ثم زاد على ذلك وكنا نجعل لبيوتهم على كون سقفهم من فضة معارج، والسقف بالضم سقف مثل رهن ورهن. وقال مجاهد: كل شئ من السماء فهو سقف، وكل شئ من البيوت فهو سقف بضمتين، ومنه قوله (وجعلنا السماء سقفا محفوظا) (1) قال الفراء قوله (لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا) يحتمل أن تكون اللام

(1) سورة 21 الأنبياء آية 32
(١٩٦)
مفاتيح البحث: الرزق (1)، الغنى (1)، الوسعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست