التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٩٩
عشواء، فعشى يعشى مثل عمي يعمى، وعشا يعشو إذا نظر نظرا ضعيفا. وقرئ (من يعش) بفتح الشين. ومعناه يعمى يقال: عشا إلى النار إذا تنورها فقصدها وعشى عنها إذا أعرض قاصدا لغيرها كقولهم مال إليه ومال عنه. وقيل: معناه بالعين من يعرض عن ذكره. وقوله (نقيض له شيطانا) قيل في معناه ثلاثة أقوال:
أحدها - قال الحسن: نخلي بينه وبين الشيطان الذي يغويه ويدعوه إلى الضلالة فلا نمنعه منه.
الثاني - وقيل: نجعل له شيطانا قرينا، يقال قيض له كذا وكذا أي سهل ويسر.
الثالث - قال قتادة: نقيض له شيطانا في الآخرة يلزمه حتى يصير به إلى النار فحينئذ يتمنى البعد عنه. وأما المؤمن فيوكل به ملك فلا يفارقه حتى يصير به إلى الجنة. وإنما جاز ان يقيض له الشيطان إذا أعرض عن ذكر الله حتى يغويه لأنه إذا كان ممن لا يفلح فلو لم يغوه الشيطان لفعل من قبل نفسه مثل ذلك كالفساد الذي يفعله باغواء الشيطان أو أعظم منه فلم يمنع لطفا، وقيض له الشيطان عقابا.
وفى ذلك غاية التحذير عن الاعراض عن حجج الله وآياته.
ثم قال تعالى (وانهم) يعني الشياطين (ليصدونهم) يعني الكفار (عن السبيل) يعني عن سبيل الحق الذي هو الاسلام (ويحسبون انهم مهتدون) إلى طريق الحق. وقوله (حتى إذا جاءانا) على التثنية أراد حتى إذا جاء الشيطان ومن أغواه يوم القيامة إلى الموضع الذي يتولى الله حساب الخلق فيه وجزاءهم.
ومن قرأ على التوحيد فالمراد حتى إذا جاء الكافر وعلم ما يستحقه من العقاب ضرورة قال ذلك الوقت لقربه (يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين) قيل في معناه قولان:
أحدهما - أنه عنى المشرق والمغرب الا انه غلب أحدهما، كما قيل سنة العمرين
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»
الفهرست