التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٥٢
بين (لو) و (لما) أن (لو) لتقدير وقوع الثاني بالأول، و (لما) للايجاب في وقوع الثاني بالأول. وقولك: ولو جاءهم موسى بآياتنا قالوا، ليس فيه دليل انهم قالوا وفي (لما) دليل على أنهم قالوا عقيب مجئ الآيات. وقوله * (سحر مفترى) * اي سحر مختلق لم يبن على أصل صحيح، لأنه حيلة موهم خلاف الحقيقة، فوصفوا الآيات بالسحر والاختلاق، على هذا المعنى جهلا منهم وذهابا عن الصواب.
وقوله * (ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين) * أي لم نسمع ما يدعيه ويدعو إليه في آبائنا الذين كانوا قبلنا، وإنما قالوا * (ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين) * مع شهرة قصة قوم نوح وصالح وغيرهم من النبيين الذين دعوا إلى توحيد الله واخلاص عبادته لاحد أمرين:
أحدهما - للفترة التي دخلت بين الوقتين وطول الزمان جحدوا أن تقوم به حجته.
والآخر - إن آباءهم ما صدقوا بشئ من ذلك، ولا دانوا به، ووجه الشبهة في أنهم ما سمعوا بهذا في آبائهم الأولين أنهم الكثير الذين لو كان حقا لأدركوه، لأنه لا يجوز أن يدرك الحق الأنقص في العقل والرأي، ولا يدركه الأفضل منهما، وهذا غلط، لان ما طريقه الاستدلال قد يصيبه من سلك طريقه ولا يصيبه من لم يسلك طريقه.
ثم حكى ما قال موسى بأنه قال * (ربي اعلم بمن جاء بالهدى) * أي بالدين الواضح والحق المبين من عنده، ووجه الاحتجاج بقوله * (ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده) * أنه عالم بما يدعو إلى الهدى مما يدعو إلى الضلال، فلا يمكن من مثل ما أتيت به من يدعو إلى الضلال، لأنه عالم بما في ذلك من فساد العباد
(١٥٢)
مفاتيح البحث: الجهل (1)، الضلال (2)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست