التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٤١
وقوله " ولما توجه تلقاء مدين " فالتوجه صرف الوجه إلى جهة من الجهات، ويقال: هذا المعنى يتوجه إلى كذا أي هو كالطالب له بصرف وجهه إليه، وتلقاء الشئ حذاه، ويقال: فعل ذلك من تلقاء نفسه أي من حذا داعي نفسه،. و (مدين) لا ينصرف، لأنه اسم بلدة معرفة، قال الشاعر:
رهبان مدين لو رأوك تنزلوا * والعصم من شعف العقول الغادر (1) الشعف أعلى الجبل، والغادر الكبير. وقال ابن عباس: بين مصر ومدين ثمان ليال، نحو ما بين الكوفة والبصرة.
وقوله " عسى ربي أن يهديني سواء السبيل " حكاية ما قال موسى في توجهه، فإنه قال: عسى أن يدلني ربي على سواء السبيل، وهو وسط الطريق المؤدي إلى النجاة، لان الاخذ يمينا وشمالا يباعد عن طريق الصواب، ويقرب منه لزوم الوسط على السنن، فهذا هو المسعى في الهداية، وقال الشاعر:
حتى أغيب في سواء الملحد اي في وسطه، وقال عطاء: عرضت له أربع طرق لم يدر أيها يسلك، فقال ما قال. ثم أخذ طريق مدين حتى ورد على شعيب، وهو قول عكرمة. ثم حكى تعالى أن موسى " لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة " يعني جماعة " من الناس يسقون " بهائمهم ويستسقون الماء من البئر " ووجد من دونهم " يعني دون الناس " امرأتين تذودان " أي يحبسان غنمهما ويمنعانها من الورود إلى الماء يقال: ذاذ شاته وإبله عن الشئ يذودها ذودا إذا احبسها عنه بمنعها منه، قال سويد بن كراع:

(1) مر تخريجه في 3 / 601
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست