التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٥٦
والاتباع إلحاق الثاني بالأول، فهؤلاء الدعاة إلى الضلالة ألحقوا اللعنة تدور معهم حيث ما كانوا، وفى ذلك أعظم الزجر عن القبيح. وقيل: المقبوح المشوه بخلقته لقبيح عمله، ويقال: قبحه الله يقبحه قبحا، فهو مقبوح إذا جعله قبيحا وقال أبو عبيدة: معنى (المقبوحين) المهلكين.
ثم اخبر تعالى انه أعطى موسى الكتاب يعني التوراة من بعد ان أهلك القرون الأولى من قوم فرعون وغيرهم، وانه فعل ذلك " بصائر للناس " وهي جمع بصيرة يتبصرون بها ويعتبرون بها وجعل ذلك هدى يعني أدلة وبيانا ورحمة اي ونعمة عليهم لكي يتذكروا ويتفكروا فيعتبروا به. وقوله " وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر وما كنت من الشاهدين " معناه ما كنت بجانب الغربي أي الجبل - في قول قتادة - حين قضينا إليه الامر أي فصلنا له الامر بما ألزمناه وقومه وعهدنا إليه فيهم، فلم تشهد أنت ذلك " ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين " أي مقيما فالثاوي المقيم قال الأعشى:
أثوى وقصر ليلة ليزودا * ومضى وأخلف من قتيلة وموعدا (1) " تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين " والمعنى انك لم تشهد احساننا إلى إلى عبادنا بارسال الرسل ونصب الآيات وانزال الكتب بالبيان والهدى وما فيه الشفاء للعمى كأنه يقول لم تراي شئ كان هناك، تفخيما لشأنه مع إنك إنما تخبر به عنا، ولولا ما أعلمناك منه لم تهتد له.
قوله تعالى:
* (وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك

(1) ديوانه * (دار بيروت) * 54
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست