التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٤٠١
فهو عاد. والحساب واخراج المقدار في الكمية وهي العدة، وهذا السؤال لهم على وجه التوبيخ لانكارهم البعث والنشور، فيقول الله لهم إذا بعثهم (كم لبثتم في الأرض عدد سنين) اي أين ما كنتم تنكرون من أجابت الرسل وما جاءت به وتكذبون به.
وقوله " قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم) فسأل العادين قال مجاهد: معناه فسأل العادين من الملائكة لأنهم يحصون أعمال العباد. وقال قتادة: العادين هم الحساب الذين يعدون الشهور والسنين، ولا يدل ذلك على بطلان عذاب القبر، لأنهم لم يكونوا يعدون كاملي العقول، وقد صح عذاب القبر بتضافر الاخبار عن النبي صلى الله عليه وآله واجماع الأمة عليه - ذكره الرماني - ولا يحتاج إلى هذا، لأنه لا يجوز أن يعاقب الله العصاة إلا وهم كاملوا العقول ليعلموا أن ذلك واصل إليهم على وجه الاستحقاق.
ووجه اخبارهم بيوم أو بعض يوم، هو الاخبار عن قصر المدة، وقلته، لما مضى لسرعة حصولهم في ما توعدهم الله تعالى، فيقول الله تعالى في الجواب (ان لبثتم الا قليلا) اي لم تلبثوا إلا قليلا، والمراد ما قلناه من قصر المدة كما قال (اقترب للناس حسابهم) (1) وكما قال (اقتربت الساعة) (2) وكما قال (وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب) (3) وقال الحسن: معناه (إن لبثتم إلا قليلا) في طول لبثكم في النار، والقلة والكثرة يتغير ان بالإضافة، فقد يكون الشئ قليلا بالإضافة إلى ما هو أكثر منه، ويكون كثيرا بالإضافة إلى ما هو أقل منه (لو أنكم كنتم تعلمون) صحة ما أخبرناكم به.
ثم قال لهم (أفحسبتم) معاشر الجاحدين للبعث والنشور (أنما خلقناكم عبثا) لا لغرض!؟! أي ظننتم، والحسبان والظن واحد، أحد ظننتم انا خلقناكم لا لغرض،

(1) سورة 21 الأنبياء آية 1 (2) سورة 54 القمر آية 1 (3) سورة 16 النحل آية 77.
(٤٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 ... » »»
الفهرست