التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٩٨
وقرأ أهل الكوفة إلا عاصما ونافع (سخريا) بضم السين. الباقون بكسرها.
حكى الله تعالى عن هؤلاء الكفار انهم يعترفون على نفوسهم بالخطأ، ويقولون (ربنا غلبت علينا شقوتنا) والشقوة المضرة اللاحقة في العاقبة. والسعادة المنفعة اللاحقة في العاقبة، وقد يقال لمن حصل في الدنيا على مضرة فادحة: شقي، من حيث أنه يؤدي إلى أمر شديدة، فالمعاصي شقوة، تؤدي إلى العقاب الدائم. ويجوز أن يكون المراد بالشقوة العذاب الذي يفعل الله بهم ويغلب عليهم.
وقوله " وكنا قوما ضالين " اعتراف منهم على نفوسهم أنهم ضلوا عن الحق في الدنيا وزمان التكليف، ويسألون الله تعالى فيقولون " ربنا أخرجنا منها " أي من هذه النار " فان عدنا فانا ظالمون " ولا يجوز أن يكونوا لو أخرجوا إلى دار التكليف لما عادوا، لان الشهوة العاجلة والاغترار بالامهال يعود إليهم فلا يكونون ملجئين.
وقد قال الله تعالى " ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون " (1). وقال الحسن: هو آخر كلام يتكلمون به أهل النار، فيقول الله تعالى لهم في جوابهم " اخسئوا فيها " يعني في النار " ولا تكلمون " أي ابعدوا، بعد الكلب. وإذا قيل للكلب اخسأ، فهو زجر بمعنى ابعد بعد غيرك من الكلاب، وإذا خوطب به انسان، فهو إهانة له، ولا يكون ذلك إلا عقوبة، وخسأت فلانا أخسأه خسأ، فهو خاسئ إذا أبعدته بمكروه، ومنه قوله " كونوا قردة خاسئين " (2) وقوله " ولا تكلمون " قيل في معناه قولان:
أحدهما - ان ذلك على وجه الغضب اللازم لهم، فذكر ذلك ليدل على هذا المعنى، لان من لا يكلم إهانة له وغضبا، فقد بلغ به الغاية في الاذلال.
والثاني - ولا تكلمون في رفع العذاب عنكم، فاني لا أرفعه عنكم، ولا افتره

(1) سورة 6 الانعام آية 28 (2) سورة 2 البقرة آية 65
(٣٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 ... » »»
الفهرست