التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٤٨
بالله وأقروا بوحدانيته وصدقوا رسله. وقيل: معناه، قد سعدوا، قال لبيد:
فاعقلي ان كنت لما تعقلي * ولقد أفلح من كان عقل (1) وقيل معنى (أفلح) بقي أي بقيت أعمالهم الصالحة، ومنه قولهم (حي على الفلاح) أي على بقاء أعمال الخير، ومعنى (قد) تقريب الماضي من الحال، فدل على أن فلاحهم قد حصل بما هم عليه في الحال، وهذا أبلغ في الصفة من تجريد ذكر الفعل. ثم وصف هؤلاء المؤمنين بأوصاف، فقال (الذين هم في صلاتهم خاشعون) أي خاضعون متذللون لله فيها. وقيل: معناه يسعون، مقبلون على الصلاة بالخضوع والتدلل لربهم. وقيل: معناه خائفون. وقال مجاهد: هو غض الطرف وخفض الجناح. وقيل: أن ينظر المصلي إلى موضع سجوده. وكان النبي صلى الله عليه وآله برفع بصره إلى السماء. فلما نزلت هذه الآية طأطأ رأسه، ونظر إلى مصلاه. والخشوع في الصلاة هو الخضوع بجمع الهمة لها، والاعراض عما سواها، لتدبر ما يجري فيها: من التكبير، والتسبيح، والتحميد لله، وتلاوة القرآن. وهو موقف الخاضع لربه الطالب لمرضاته بطاعاته.
ثم زاد في صفاتهم فقال (والذين هم عن اللغو معرضون) واللغو هو القول والفعل الذي لا فائدة فيه يعتد بها، وهو قبيح على هذا الوجه. وقال ابن عباس:
اللغو - ههنا - الباطل. وقال السدي: هو الكذب. وقال الكلبي هو الحلف.
وحكى النقاش: انهم نهوا عن سباب الكفار إذا سبوهم، وعن محادثتهم.
ثم قال (والذين هم للزكاة فاعلون) أي يؤدون ما يجب عليهم في أموالهم من الصدقات، وسميت زكاة، لأنه يزكو بها المال عاجلا وآجلا. ثم قال (والذين هم لفروجهم حافظون) قيل عنى بالفروج - ههنا - فرج الرجل خاصة بدلالة قوله (الاعلى أزواجهم

(1) مر هذا البيت في 1 / 59 من هذا الكتاب
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»
الفهرست