التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٤٢
فاختصر لدلالة الكلام عليه. وقال قوم: أراد أن الكافرين جعلوا لي الأمثال من الأصنام التي عبدوها فاستمعوا لما ضرب لي من الأمثال. ثم أخبر عنها كيف هي، وكيف بعدها مما جعلوه مثلا، ويدل عليه قوله " ما قدروا الله حق قدره " واختلفوا في معنى " ما قدروا الله حق قدره " فقال الحسن: معناه ما عظموه حق عظمته، إذ جعلوا له شريكا في عبادته. وهو قول المبرد والفراء. وقال قوم: معناه ما عرفوه حق معرفته. وقال آخرون: ما وصفوه حق صفته. وهو مثل قول أبي عبيدة. قال:
يقول القائل: ما عرفت فلانا على معرفته، اي ما عظمته حق تعظيمه.
وفي ذلك دلالة على أن من جوز عبادة غير الله فهو كافر، وكذلك من جوز أن يكون المنعم - بخلق النفس، والبصر، والسمع، والعقل - غير الله، فهو كافر بالله.
ثم اخبر تعالى عن نفسه، فقال " ان الله لقوي " أي قادر على ما يصح أن يكون مقدورا " عزيز " لا يقدر أحد على منعه.
ثم قال تعالى " الله يصطفى من الملائكة رسلا " أي يختار منهم من يصلح للرسالة " ومن الناس " أي ويختار من الناس أيضا مثل ذلك. وفى ذلك دلالة على أنه ليس جميع الملائكة رسلا، لان (من) للتبعيض عند أهل اللغة، وكما أن الناس ليس جميعهم أنبياء فكذلك الملائكة.
وقوله " إن الله سميع بصير " أي يسمع جميع ما يدرك بالسمع من الأصوات ودعاء من يدعوه خالصا، ودعاء من يدعو على وجه الاشراك به بصير بأحوالهم.
قوله تعالى (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور (76) يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 338 339 340 341 342 343 344 345 347 348 ... » »»
الفهرست