التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٤١
الموضع، وكان يجوز في (النار) الجر على البدل من (ذلكم) لأنه في موضع جر ب‍ (من) وكان يجوز النصب بمعنى أعرفكم شرا من ذلكم النار، والذي عليه القراء الرفع. ثم اخبر تعالى عن النار بأن الله وعدها الذين كفروا وبئس المرجع.
ثم خاطب جميع المكلفين من الناس، فقال " يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له " يعني ضرب مثل، جعل، كقولهم ضرب على أهل الذمة الجزية، لأنه كالتثبيت شبهه بالضرب المعروف، وكذلك الضربة. والمثل: شبه حال الثاني بالأولى في الذكر الذي صار كالعلم. ومن حكم المثل أن لا يتغير، لأنه صار كالعلم. كقولهم " أطري انك فاعلة ".
ثم قال " ان الذين تدعون من دون الله " قرأ يعقوب بالياء على الخبر الباقون بالتاء على الخطاب، كقوله " يا أيها الناس ". والذي عبدوه من دون الله الأصنام والأوثان " لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له " على ذلك وعاون بعضهم بعضا مع صغر الذباب، فكيف بالعظيم من الأشياء. ثم زاد في ضرب المثل، فقال " وإن يسلبهم الذباب شيئا... " يعني هؤلاء الكفار، ومن جرى مجراهم لو سلبهم الذباب شيئا وطار، لما قدروا على استنقاذه منه وتخليصه من يديه. ثم اخبر تعالى بأنه " ضعف الطالب " يعني من الأوثان " والمطلوب " من الذباب - وهو قول ابن عباس - ولم يأت بالمثل، لان في الكلام دلالة عليه، كأنه قال يا أيها الناس مثلكم مثل من عبد آلهة اجتمعت لان تخلق ذبابا، فلم يقدروا عليه، وإن يسلبها الذباب شيئا، فلم تستنقذه منه. ومثل ذلك في الحذف قول امرئ القيس:
وجدك لو شئ اتانا رسوله * سواك ولكن لم نجد عنك مدفعا (1) وتقديره لو أتانا رسول غيرك لرددناه وفعلنا به، ولكن لم نجد عنك مدفعا،

(1) شرح ديوانه 131 وقد مر في 5 / 529 و 6 / 253 مع اختلاف يسير
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 347 ... » »»
الفهرست