التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٣٨
الفلك في البحر، كنا عنه بأن قال " وهو الذي أحياكم " أيضا بعد ان لم تكونوا كذلك، يقال أحياه الله، فهو محي له " ثم يميتكم " بعد هذا الاحياء " ثم يحييكم " يوم القيامة للحساب إما إلى الجنة، وإما إلى النار ثم اخبر عن الانسان بأنه (كفور) أي جحود لنعم الله بما فعل به من أنواع النعم، وجحوده ما ظهر من الآيات الدالة على الحق في كونه قادرا على الاحياء والإماتة. والاحياء بعدها، لا يعجزه شئ من ذلك.
ثم اخبر تعالى أن " لكل أمة منسكا " أي مذهبا " هم ناسكوه " أي يلزمهم العمل به. وقيل: المنسك جميع العبادات التي أمر الله بها. وقيل: المنسك الموضع المعتاد لعمل خير أو شر، وهو المألف لذلك. ومناسك الحج من هذا، لأنها مواضع العبادات فيه، فهي متعبدات الحج. وفيه لغتان فتح السين، وكسرها. وقال ابن عباس " منسكا " اي عيدا. وقال مجاهد وقتادة: متعبدا في إراقة الدم بمنى، وغيرها.
وقوله " فلا ينازعنك في الامر " لأنهم كانوا يقولون " أتأكلون ما قتلتم، ولا تأكلون الميتة التي قتلها الله. وقيل: لا ينازعنك في الامر " نهي لهم عن منازعة النبي صلى الله عليه وآله وقيل: نهي له لان المنازعة تكون من اثنين، فإذا وجه النهي إلى من ينازعه، فقد وجه إليه. وقرئ " فلا ينزعنك " والمعنى لا يغلبنك على الامر.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله " وادع إلى ربك " يا محمد " انك لعلى هدى مستقيم " أي على طريق واضح. ثم قال " وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون " معناه إن جادلوك على وجه المراء والتعنت الذي يعمله السفهاء، فلا تجادلهم على هذا الوجه، وادفعهم بهذا القول. وقل " الله أعلم بما تعملون " وهذا أدب من الله حسن، ينبغي أن يأخذ به كل أحد " الله يحكم بينكم " أي يفصل بينكم " يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون " من توحيد الله وصفاته واخلاص عبادته، وألا نشرك به غيره.
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»
الفهرست