التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٣٦
لان صفة علي منقولة إليه، ولم تنقل صفة (رفيع) ووصفه بأنه الكبير، يفيد أن كل شئ سواه يصغر مقداره عن معنى صفته، لأنه القادر الذي لا يعجزه شئ، العالم الذي لا يخفى عليه شئ.
وقوله " ألم تر " خطاب للنبي صلى الله عليه وآله والمراد به جميع المكلفين يقول الله لهم ألم تعلموا " أن الله أنزل من السماء ماء " يعني غيثا ومطرا " فتصبح الأرض " بذلك " مخضرة " بالنبات " ان الله لطيف خبير " فاللطيف معناه أنه المختص بدقيق التدبير الذي لا يخفى عنه شئ ولا يتعذر عليه، فهو لطيف باستخراج النبات من الأرض بالماء، وابتداع ما يشاء " خبير " بما يحدث عنه وما يصلح له. وقوله " فتصبح الأرض " إنما رفع (فتصبح) لأنه لم يجعله جوابا للاستفهام، لأن الظاهر وإن كان الاستفهام فالمراد به الخبر، كأنه قال: قد رأيت أن الله ينزل من السماء ماء، فتصبح الأرض مخضرة، إلا أنه نبه على ما كان رآه ليتأمل ما فيه قال الشاعر:
ألم تسأل الربع القواء فينطق * وهل يخبرنك اليوم بيدا سملق (1) لان المعنى قد سألته فنطق. ثم أخبر تعالى أن " له " ملك " ما في السماوات وما في الأرض " لا ملك لاحد فيه. ومعناه إن له التصرف في جميع ذلك لا اعتراض عليه. وأخبر " إن الله هو الغني الحميد " فالغني هو الحي الذي ليس بمحتاج، فهو تعالى المختص بأنه لو بطل كل شئ سواه لم تبطل نفسه القادرة العالمة. الذي لا يجوز عليه الحاجة بوجه من الوجوه، وكل شئ سواه يحتاج إليه، لأنه لولاه لبطل، لأنه لا يخلو من مقدوره أو مقدور مقدوره. و (الحميد) معناه الذي يستحق الحمد على أفعاله، وهو بمعنى انه محمود.

(1) تفسير الطبري 17 / 134
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 ... » »»
الفهرست