التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٤٤
جاهدوا المشركين، ولا تخافوا في الله لومة لائم، وقال الضحاك: معناه اعملوا بالحق لله حق العمل.
وقوله (هو اجتباكم) فالاجتباء هو اختيار الشئ لما فيه من الصلاح. وقيل:
معناه اختاركم لدينه. وجهاد أعدائه، والحق يجتبى، والباطل يتقى، ولا بد أن يكون ذلك خطابا متوجها إلى من اختاره الله بفعل الطاعات، دون أن يكون ارتكب الكبائر الموبقات. وإن كل سبق منه جهاد في سبيل الله.
وقوله (وما جعل عليكم في الدين من حرج) معناه لم يجعل عليكم ضيقا في دينكم، ولا ما لا مخرج منه. وذلك أن منه ما يتخلص منه بالتوبة، ومنه ما يتخلص منه برد المظلمة، وليس في دين الاسلام ما لا سبيل إلى الخلاص من عقابه. وفيه من الدليل - كالذي في قوله (ولو شاء الله لأعنتكم) (1) - على فساد مذهب المجبرة في العدل. ومثله قوله (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) (2) وقوله (ملة أبيكم إبراهيم) يحتمل نصب (ملة) وجهين:
أحدهما - اتبعوا (ملة أبيكم) وألزموا، لان قبله (جاهدوا في الله حق جهاده) والاخر - كملة أبيكم إلا أنه لما حذف حرف الجر اتصل الاسم بالفعل فنصب.
وقال الفراء: نصبه بتقدير: وسع ملتكم، كما وسع ملة أبيكم. وقوله (ملة أبيكم إبراهيم) معناه انه يرجع جميعهم إلى ولادة إبراهيم، وأفاد هذا ان حرمة إبراهيم على المسلمين كحرمة الوالد على الولد، كما قال (وأزواجه أمهاتهم) (3) - في قول الحسن.
وقوله " هو سماكم المسلمين " قال ابن عباس ومجاهد: الله سماكم المسلمين، فهو كناية عن الله. وقال ابن زيد: هو كناية عن إبراهيم وتقديره إبراهيم سماكم المسلمين

(1) سورة 2 البقرة آية 220 (2) سورة 2 البقرة آية 286 (3) سورة 33 الأحزاب آية 6
(٣٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 339 340 341 342 343 344 345 347 348 349 350 ... » »»
الفهرست