التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢١١
(فلا يخاف) الجزم، لكونه في موضع جواب الشرط. والمبتدأ محذوف مراد بعد الفاء، وتقديره: فهو لا يخاف، والامر في ذلك حسن، لان تقديره من عمل صالحا فليأمن، ولا يخف. والمراد الخبر بأن المؤمن الصالح لا خوف عليه.
وقوله (وعنت الوجوه) أي خضعت وذلت خضوع الأسير في يد القاهر له، والعاني الأسير، ويقال: عنا وجهي لربه يعنو عنوا اي ذل وخضع ومنه: أخذت الشئ عنوة أي غلبة بذل المأخوذ منه، وقد يكون العنوة عن تسليم وطاعة، لأنه على طاعة الذليل للعزيز قال الشاعر:
هل أنت مطيعي أيها القلب عنوة * ولم تلح نفس لم تلم في اخيتالها (1) وقال آخر:
فما اخذوها عنوة عن مودة * ولكن بضرب المشرفي استقالها (2) و (عنت) ذلت - في قول ابن عباس ومجاهد وقتادة. و (القيوم) قيل في معناه قولان:
أحدهما - انه العالم فيما يستقيم به تدبير جميع الخلق، فعلى هذا لم يزل الله قيوما والثاني - انه القائم بتدبير الخلق، وهي مثل صفة حكيم على وجهين. وقال الجبائي: القيوم القائم بأنه دائم لا يبيد ولا يزول. وقال الحسن: هو القائم على كل نفس بما كست حتى يجزيها. ووجه (عنت الوجوه للحي القيوم) انها تدل عليه، لان الفعل منه تعالى يدل على أنه قادر وكونه قادرا يدل على أنه عالم. وقيل: معنى (وعنت الوجوه) هو وضع الجبهة والانف على الأرض في السجود - في قول طلق ابن حبيب

(1) تفسير الطبري 16 / 142 (2) تفسير الطبري 16 / 142 والقرطبي 11 / 249 واللسان (عنو)
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»
الفهرست