التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٠٩
قوله تعالى:
(يومئذ يتبعون الداعي لاعوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا (108) يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا (109) يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما) (110) ثلاث آيات.
يقول الله تعالى إن اليوم الذي ينسف الله فيه الجبال نسفا. ويذرها قاعا صفصفا، حتى لا يبقى فيه عوج ولا أمت، تتبع الخلائق يومئذ الداعي لهم إلى المحشر (لا عوج له) اي لا يميلون عنه، ولا يعدلون عن ندائه، ولا يعصونه كما يعصون في دار الدنيا (وخشعت الأصوات للرحمن) اي تخضع له بمعنى انها تسكن، ولا ترتفع - في قول ابن عباس - والخشوع الخضوع قال الشاعر:
لما اتى خبر الزبير تواضعت * سور المدينة والجبال الخشع (1) وقوله تعالى " فلا تسمع إلا همسا " فالهمس صوت الاقدام - في قول ابن عباس وابن زيد - وقال مجاهد: الهمس إخفاء الكلام، قال الراجز في الهمس:
وهن يمشين بنا هميسا (2) يعني صوت أخفاف الإبل في سيرها. وقوله (يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا) اخبر الله تعالى أن ذلك اليوم لا تنفع شفاعة أحد في

(١) قائله جرير ديوانه (دار بيروت) ٢٧٠ وقد مر في ١ / ٢٠٤، ٣١٢ من هذا الكتاب (٢) تفسير القرطبي ١١ / 249 والشوكاني 3 / 372 والطبري 16 / 114.
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست