قوله تعالى:
أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون (190) ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون (191) وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون (192) ثلاث آيات قرأ نافع " لا يتبعوكم " وفي الشعراء " يتبعهم " بالتخفيف. الباقون بالتشديد وهما لغتان، وبالتشديد أكثر. قال أبو زيد تقول: رأيت القوم فأتبعتهم اتباعا إذا سبقوك فأسرعت نحوهم ومروا علي فاتبعتهم اتباعا إذا ذهبت معهم ولم يسبقوك، قال: وتبعتهم اتبعهم تبعا مثل ذلك.
وفي الآية توبيخ من الله وتعنيف للمشركين، وإن خرج مخرج الاستفهام، بأنهم يعبدون مع الله جمادا لا يخلق شيئا من الأجسام ولا ما يستحق به العبادة، وهم مع ذلك مخلوقون محدثون ولهم خالق خلقهم. ونبههم بذلك على أنه لا ينبغي أن يعبد إلا من يقدر على إنشاء الأجسام واختراعها وخلق أصول النعم التي يستحق بها العبادة، وان ذلك لا يقدر عليه إلا الله تعالى الذي ليس بجسم، والقادر لنفسه، ثم بين أن هذه الأشياء التي يعبدونها ويتخذونها آلهة وأشركوا بها مع الله تعالى لا تقدر لمن عبدها واتخذها إلها على نفع ولا على ضر ولا أن ينصروهم، ولا ان ينصروا أنفسهم إن أراد بهم غيرهم سواء، ومن هذه صورته فهو على غاية العجز، ولا يجوز أن يكون إلها. وإنما يجب أن يكون كذلك من يقدر على الضر والنفع ونصرة أوليائه.
وقوله تعالى " وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم " معناه إن الأصنام والأوثان