التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٨٨
بينهم " معناه فصل بينهم الامر على الحتم. والله تعالى يقضي بين الخصوم أي يفصل بينهم فصلا لا يرد " بالقسط " يعني بالعدل. والمقسط العادل. والقاسط الجائر، ومنه قوله " وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا " (1) والأصل واحد، والمقسط العادل إلى الحق والقاسط العادل عن الحق. وقوله " وهم لا يظلمون " إنما نفى عنهم الظلم بعد أن وصف أنه يقضي بينهم بالعدل ليكون العدل في جميع الأحوال من الابتداء إلى الانتهاء، لأنه كان يمكن أن يكون العدل في أوله والظلم في آخره، فنفي بذلك نفيا عاما ليخلص العدل في كل أحوالهم.
قوله تعالى:
ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (48) آية حكى الله تعالى عن الكفار والذين تقدم وصفهم أنهم " يقولون متى هذا الوعد " الذي تعدوننا به من البعث والنشور والثواب والعقاب " إن كنتم صادقين " في كون ذلك. والقول كلام مضمن في ذكره بالحكاية، وقد يكون كلام لا يعبر عنه، فلا يكون له ذكر متضمن بالحكاية، فلا يكون قولا، لأنه إنما يكون قولا من أجل تضمين ذكره بالحكاية. و " متى " سؤال عن الزمان. و (أين) سؤال عن المكان، وهما ظرفان يتصلان بالفعل من غير حرف إضافة تقول: متى يكون هذا، ولا يجوز أن تقول: ما يكون هذا على معنى الظرف. ولكن في ما يكون هذا. والوعد خبر ما يعطى من الخير. والوعيد خبر ما يعطى من الشر، هذا إذا فصل فان أجمل وقع الوعد على الجميع. والصدق الاخبار عن الشئ على ما هو به.
قوله تعالى:
قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل

(1) سورة 72 الجن آية 15
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»
الفهرست