التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٨٠
كذبوا انهم شهدوا بان الدعاة إلى الله والدعاة إلى الحق من المؤمنين كاذبون جهلا منهم وتوهما لا حقيقة لهم ولا حجة معهم به. وقوله " ولما يأتهم تأويله " معناه ما يؤول أمره إليه وهو عاقبته. ومعناه متأوله من الثواب والعقاب. ثم حكى الله أنه مثل ذلك كذب الذين من قبلهم أنبياء الله ورسله فأهلكهم الله ودمرهم ثم قال لنبيه " فانظر كيف كان عاقبة الظالمين " يعني ما أدى إلى إهلاكهم بعذاب الاستئصال على ما تقدم من ظلمهم لا نفسهم وغيرهم في كذبهم. وقيل في موضع " كيف كان " نصب بأنه خبر كان. ولا يكون معمول (انظر) لان ما قبل الاستفهام لا يعمل في الاستفهام.
قوله تعالى ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين (40) آية أخبر الله تعالى ان من جملة هؤلاء الكفار الذين كذبوا بالقرآن ونسبوه إلى الافتراء من سيؤمن به أي بالقرآن في المستقبل، ومنهم من لا يؤمن بل يموت على كفره. وقوله " وربك أعلم بالمفسدين " معناه من يدوم على الفساد ممن يتوب، وإنما بقاهم الله لما في معلومه انه يتوب منهم. وإنما جاز ان يقول " أعلم " وان لم يكن هناك كثرة علوم لاحد أمرين: أحدهما - ان الذات تغني عن كل علم. والثاني - انه يراد كثرة المعلوم.
قوله تعالى:
وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا برئ مما تعملون (41) آية.
خاطب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله فقال " وان كذبوك " هؤلاء الكفار ولم يصدقوك
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»
الفهرست