التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٧٨
الذي هو في أعلى طبقات البلاغة مع حسن النظم والجزالة، وكل شئ منه فيه فائدة وكل فصل منه فيه فائدة أخرى. وقوله " ولكن تصديق الذي بين يديه " شهادة من الله له بأنه صدق وبأنه شاهد لما تقدم من التوراة والإنجيل والزبور بأنها حق، وشاهد أيضا من حيث إنه مصدق لها إذ جاء على ما تقدمت البشارة به فيها. وقبل مصدق لما بين يديه من البعث والنشور والجزاء والحساب. وقوله " وتفصيل الكتاب " أي تبيين الفصل من المعاني الملتبسة حتى يظهر كل معنى على حقيقته. والتفصيل والتمييز والتقسيم نظائر، وضده التلبيس والتخليط. وقوله " لا ريب فيه " أي لا شك فيه " من رب العالمين " اي نازل من عند مالك العالمين.
وقيل: إن معنى " تفصيل الكتاب " أي تفصيل الفروض الشرعية. والكتاب - ههنا - المفروض. وقال الفراء: معنى " وما كان هذا القرآن ان يفترى " اي لا ينبغي أن يكون افتراء، كما قال تعالى: " وما كان لنبي أن يغل " (1) أي لا ينبغي له. وقال غيره: تقديره وما كان هذا القرآن مفترى.
قوله تعالى:
أم يقولون افتراه فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين (38) آية معنى " أم " ههنا تقرير على موضع الحجة بعد مضي حجة أخرى، وتقديره بل أتقولون افتراه، فالزموا على هذا الأصل الفاسد امكان أن يأتوا بمثله.
وقوله " فاتوا بسورة مثله " صورته صورة الامر، والمراد به التحدي باتيان سورة، وهو الزام لهم على أصلهم إذ أصلهم فاسد يوجب عليهم أن يأتوا بسورة مثله، فالتحدي يطلب ما يوجبه أصلهم عليهم. وقوله " فأتوا بسورة مثله " معناه

(1) سورة 3 آل عمران آية 161
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»
الفهرست