التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٣٤
أخذنا أمرنا من مواضع الهلكة فسلمنا مما وقعوا فيه " ويتولوا " اي يعرضوا " وهم فرحون " يعني فرحين بتأخرهم وسلامتهم مما نال المؤمنين من المصيبة. والإصابة وقوع الشئ بما قصد به.
قوله تعالى:
قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولينا وعلى الله فليتوكل المؤمنون (52) آية.
امر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله ان يقول لهؤلاء المنافقين الذين يفرحون بمصيبات المؤمنين وسلامتهم منها " لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا " وقيل في معناه قولان:
أحدهما - ان كل ما يصيبنا من خير أو شر فهو مما كتبه الله في اللوح المحفوظ من أمرنا، وليس على ما تظنون وتتوهمون من اهمالنا من غير أن نرجع في أمرنا إلى تدبير ربنا، هذا قول الحسن. الثاني - قال الجبائي والزجاج: يحتمل أن يكون معناه لن يصيبنا في عاقبة أمرنا إلا ما كتب الله لنا في القرآن من النصر الذي وعدنا. وقال البلخي: يجوز أن يكون (كتب) بمعنى علم ويجوز أن يكون بمعنى حكم، والأولان أقوى. فان قيل: ما الفائدة في كتب ما يكون من افعال العباد قبل كونها؟ قلنا في ذلك مصلحة للملائكة ما يقابلون به فيجدونه متفقا في الصحة، مع أن تصور كثرته أهول في النفس وأملا للصدر.
وقوله: " هو مولانا " يحتمل معنيين: أحدهما - انه مالكنا ونحن عبيده.
والثاني - فان الله يتولى حياطتنا ودفع الضرر عنا.
وقوله " وعلى الله فليتوكل المؤمنون " امر منه تعالى للمؤمنين ان يتوكلوا عليه تعالى دون غيره. والتوكل تفويض الامر إلى الله والرضا بتدبيره والثقة بحسن اختياره. كما قال " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " (1) وحرف الجر الذي في

(1) سورة 63 الطلاق آية 3.
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست