التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٣٧
أموالهم في سبيل الله المرياء دفعا عن أنفسهم.
قوله تعالى:
وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون (55) آية.
قرأ أهل الكوفة الا عاصما " ان يقبل " بالياء. الباقون بالتاء. وجه قراءة من قرأ بالياء ان التأنيث ليس بحقيقي فجاز أن يذكر كقوله " فمن جاء موعظة " (1) ومن قرأ بالتاء فعلى ظاهر التأنيث.
والمنع أمر يضاد الفعل وينافيه. والمعنى هاهنا أن هؤلاء المنافقين منعوا أنفسهم ان يفعل بهم قبول نفقاتهم، كما يقول القائل: منعته بري وعطائي.
وقوله " ان تقبل " في موضع نصب، وتقديره وما منعهم من أن تقبل وحذف (من). وقوله " إلا أنهم كفروا بالله ورسوله " انهم في موضع رفع والعامل في اعراب انهم يحتمل أحد أمرين: أحدهما - ما منعهم من ذلك إلا كفرهم.
والثاني - أن يكون تقديره ما منعهم الله منه إلا لأنهم كفروا بالله. وعندنا ان الكافر لا يقع منه الانفاق على وجه يكون طاعة، لأنه لو أوقعها على ذلك الوجه لاستحق الثواب. والاحباط باطل، فكان يؤدي إلى أن يكون مستحقا للثواب.
وذلك خلاف الاجماع وعند من خالفنا من المعتزلة وغيرهم يصح ذلك، غير أنه ينحبط بكفره فأما الصلاة فلا يصح أن تقع منهم على وجه تكون طاعة بلا خلاف، لان الصلاة طريقها الشرع فمن لا يعترف بالشرع لا يصح أن يوقعها طاعة، وليس كذلك الانفاق، لان العقل دال على حسنه غير أنهم وإن علموا ذلك لا يقع منهم

(1) سورة 2 البقرة آية 275
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»
الفهرست