التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٥
نفوسهم ذلك.
وقوله " خذوا ما آتيناكم بقوة " أي قلنا لهم: خذوا ما آتيناكم بجد يعني ما ألزمناكم من احكام كتابنا وفرائضه فاقبلوه باجتهاد منكم في أوانه من غير تقصير ولا توان. وقال الجبائي: معناه خذوه بالقدرة التي آتاكم الله وأقدركم بها لأنهم لو لم يكونوا قادرين لما كلفهم الله ذلك، وذلك يفسد مذهب من قال القدرة مع الفعل.
وقوله " واذكروا ما فيه " معناه ما في كتابه من العهود والمواثيق التي أخذناها عليكم، بالعمل بما فيه لكي تتقوا ربكم فتخافوا عقابه بترككم العمل به إذا ذكرتم ما اخذ عليكم فيه من مواثيق.
وكان سبب رفع الجبل عليهم ان موسى عليه السلام لما اتاهم بالتوراة ووقفوا على ما فيها من الاحكام والحدود والتشديد في العبادة أبوا أن يقبلوا ذلك وان يتمسكوا به وان يعملوا بما فيه. وقالوا: إن ذلك يغلظ علينا، فرفع الله الجبل كالظلة عليهم، وعرفهم موسى انهم إن لم يقبلوا التوراة ولم يعملوا بما فيها وقع عليهم فأخذوا بالتوراة وقبلوا ما فيها وصرف الله نزول الجبل عليهم. قال ابن عباس فلذلك صارت اليهود تسجد على قرنها الأيسر، لأنهم سجدوا كذلك ينظرون إلى الجبل وكأنها سجدة نصبها الله. وإنما اتخذت النصارى المشرق قبلة، لان مريم عليها السلام اتخذت مكانا شرقيا حين حملت بعيسى. وقال مجاهد: معناه إن أخذتموه بجد وحسن نية وإلا القي الجبل عليكم. وقال أبو مسلم إن رفع الجبل كان ليظلم من الغمام، وذلك خلاف أقوال المفسرين وما يقتضيه سياق الكلام.
قوله تعالى:
وإذ أخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيمة
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست