التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٨٥
وذرآني، لظهور بياضة. والذرأة ظهور الشيب. قال الراجز:
وقد علتني ذرأة بادي بدي * وريثة تنهض في تشددي (1) يقال: ذرأ الله الخلق يذرأهم ذرءا وذروا. ويقال: ذرئت لحيته ذرءا إذا شابت. ومنه طعنه فأذراه - غير مهموز - إذا ألقاه، وذرت الريح التراب تذروه ذروا إذا أبادته، وذروة كل شئ أعلاه. و (الحرث) الزرع و (الحرث) الأرض التي تثار للزرع، ومنه حرثها يحرثها حرثا، ومنه قوله " نساؤكم حرث لكم " (2) لأن المرأة للولد كالأرض للزرع و (الانعام) المواشي من الإبل والبقر والغنم، مأخوذ من نعمة الوطئ، ولا يقال لذوات الحافر: أنعام.
وإنما جعلوا الأوثان شركاءهم، لأنهم جعلوا لها نصيبا من أموالهم ينفقونه عليها فشاركوها في نعمهم.
وقوله " فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله، وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم " قيل في معناه ثلاثة أقوال:
أحدها - قال ابن عباس وقتادة: انه إذا اختلط شئ مما جعلوه لأوثانهم بشئ مما جعلوه لله ردوه إلى ما لأوثانهم، وإذا اختلط بشئ مما جعلوه لله لم يردوه إلى ما لله.
الثاني - قال الحسن والسدي: كان إذا هلك الذي لأوثانهم أخذوا بدله مما لله، ولا يفعلون مثل ذلك في ما لله (عز وجل).
الثالث - قال أبو علي: انهم كانوا يصرفون بعض ما جعلوه لله في النفقة على أوثانهم، ولا يفعلون مثل ذلك فيما جعلوه للأوثان.
وقوله " ساء ما يحكمون " فيه قولان: أحدهما - قال الزجاج تقديره ساء الحكم حكمهم، فيكون على هذا موضع (ما) رفعا. وقال

(1) تفسير الطبري 12 / 17 واللسان والتاج (ذرأ) (بدا) (2) سورة 2 البقرة آية 223.
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»
الفهرست