التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢١٣
لخلقها صغارا وكبارا، ولاختلاف سيرها معنى. قال الحسين بن علي المغربي:
هذا من البلخي إشارة منه إلى دلالتها على الاحكام.
قوله تعالى:
وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون (98) آية بلا خلاف قرأ ابن كثير وأبو عمرو، وروح " فمستقر " بكسر القاف. الباقون بفتحها.
قال أبو علي النحوي: قال سيبويه: قالوا: قر في مكانه واستقر، كما قالوا: جلب وأجلب، يراد بهما شئ واحد، فكما بني هذا على (أفعلت) بني هذا على (استفعلت) فمن كسر القاف كان المستقر بمعنى القار، والخبر مضمر، وتقديره منكم مستقر كقولك: بعضكم مسقر أي مستقر في الأرحام.
وقال " يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق " (1) كما قال " وقد خلقكم أطوارا " ا (2) ومن فتح فليس على أنه مفعول، لان استقر لا يتعدى، وإذا لم يتعد لم يبن منه اسم مفعول، فإذا له يكن مفعولا كان اسم الفاعل مكانه، فالمستقر بمنزلة المقر كما أن المستقر بمعنى القار، وعلى هذا، لا يجوز أن يكون خبره المضمر (منكم) كما جاز في قول من كسر القاف، وإذا لم يجز ذلك جعلت الخبر المضمر (لكم) وتقديره: لكم مقر، ومستودع، فان استودع فعل يتعدى إلى مفعولين تقول: استودعت زيدا ألفا وأودعت زيدا ألفا، فاستودع مثل أودع، ومثل استجاب وأجاب، فالمستودع يجوز أن يكون الانسان الذي استودع ذلك المكان، ويجوز أن يكون المكان نفسه. فمن فتح القاف في (مستقر) جعل المستودع مكانا ليكون مثل المعطوف عليه أي فلكم مكان استقرار ومكان استيداع. ومن كسر القاف، فالمعنى منكم

(1) سورة 39 الزمر آية 6 (2) سورة 71 نوح آية 14.
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست