التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٧٠
عن ايمانه وهداه إلى الضلال. قال ولا يقدر أحد من الشياطين على اذهاب عقل أحد، لأنهم لو قدروا على ذلك لسلبوا عقول العلماء من حيث إنهم أعداؤهم، فلما لم يقدروا على ذلك دل على أنه لا يقدر على ذلك الا الله.
ثم أمره الله أن يقول لهؤلاء الكفار " ان هدى الله هو الهدى " أي دلالة الله لنا على توحيده وأمر دينه هو الهدى الذي يؤدي المستدل به إلى الفلاح والرشاد في دينه وهو الذي يجب أن يعمل عليه ويستدل به دون ما يدل عليه غيره من سوى أمور الدين. وقوله " وأمرنا لنسلم لرب العالمين " معناه أمرنا أن نسلم أمورنا لله رب العالمين وان نفوضها إليه ونتوكل عليه لا على غيره مما يعبده المشركون.
و " حيران " نصب الحال، وتقديره كالذي استهونه الشياطين في حال حيرته. وقوله " له أصحاب يدعونه إلى الهدى " قيل: نزلت في عبد الرحمن ابن أبي بكر، كان أبواه يدعوانه إلى الايمان ويقولان له " ائتنا "، أي تابعنا في ايماننا " وأمرنا لنسلم لرب العالمين " تقول العرب: أمرتك ان تفعل وأمرتك لتفعل وأمرتك بأن تفعل، فمن قال: أمرتك بأن تفعل، فالباء للالصاق. والمعنى وقع الامر بهذا الفعل. ومن قال أمرتك أن تفعل حذف الباء، ومن قال أمرتك لتفعل المعنى أمرنا للاسلام. قال الزجاج: يكون اللام لام التعليل والتقدير أمرنا كي نسلم قال الشاعر:
أريد لا نسي ذكرها فكأنما * تمثل لي ليلى بكل سبيل (1) أي كي أنسى. وقال الطبري: معناه وأمرنا لنخضع له بالذلة والطاعة ونخلص ذلك له دون ما سواه من الأنداد والآلهة.
قوله تعالى:
وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون (72) آية بلا خلاف.

(1) مر هذا البيت في 3 / 174 وهو في مجمع البيان 2 / 319.
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست