فتح المعين - حسن بن علي السقاف - الصفحة ١٥
(ثانيا):
ليس كل تأويل في بعض صفات الله تعالى، باطلا مردودا كما يزعم غلاة المثبتة (8)، بل إذا كان التأويل قريبا يحتمله اللفظ، ولا يرده المعنى، وجب قبوله (9).
.

(8) وذلك لأن السلف الصالح أولوا بلا شك ولا ريب وتفسير ابن جرير الطبري الحافظ السلفي المتوفى سنة (310 ه‍) من أكبر الأدلة على ذلك والعجب أن غلاة المثبتة يزعمون أنهم متمسكون بما عليه إمام السنة أحمد بن حنبل مع أن الإمام أحمد كان مؤولا كما نقلنا عنه في المقدمة أنه أول (وجاء ربك) فقال: جاء ثوابه. وأول أشياء أخرى فهلا رموه بالتجهم والتعطيل؟!
بل غلاة المثبتة يؤولون قوله تعالى: (وهو معكم) بالعلم مع أنهم ينقلون الإجماع على عدم وجوب التأويل، ويقولون أن في الآية قرينة تدل على أن المراد المعية بالعلم، ونحن نقول أن العلو والاستواء هو علو واستواء وفوقية بالقهر لأن لفظ القهر ورد في كتاب الله تعالى في قوله عز وجل: (وهو القاهر فوق عباده)، وبلغني أن الشيخ محمد صالح العثيمين قال: وعقيدتنا أن الله تعالى معية حقيقية ذاتية تليق به وتقتضي إحاطته بكل شئ علما وقدرة وسمعا وبصرا... الخ فتأمل.
(9) ومثال ذلك حديث النزول وهو حديث أبي هريرة مرفوعا: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول من يدعوني فاستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له).
ورد له تأويل في حديث صحيح بأن النزول نزول ملك، فقد روى النسائي في عمل اليوم والليلة بسند صحيح من حديث أبي هريرة وأبي سعيد مرفوعا: (ان الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول ثم يأمر مناديا ينادي هل من مستغفر يغفر له...) الحديث ولم ينفرد بهذه الرواية حفص بن غياث كما زعم الألباني فأنكرها تدليسا، بل لها شواهد ومتابعات صحيحة انظر معجم الطبراني الكبير (9 / 51) ومجمع الزوائد (10 / 153) ومسند أحمد (4 / 22 و 217) وكشف الأستار (4 / 44) وفتح الباري (3 / 30) وقد بسطت الكلام في ذلك في (الأدلة المقومة لاعوجاجات المجسمة). فتأويل نزول الله بنزول الملك هو الصحيح الثابت وهذا هو الذي تقتضيه قواعد مصطلح الحديث، قال الحافظ العراقي في ألفيته:
وخير ما فسرته بالوارد كالدخ بالدخان لابن صائد ولأن ظاهر لفظ: (ينزل الله) الانتقال من مكان إلى مكان وذلك محال في حقه سبحانه لتنزهه عن المكان والحلول والحركة.
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 توطئة 3
2 تقديم 4
3 فتح المعين بنقد كتاب الأربعين 11
4 مقدمة 12
5 نقد باب إيجاب قبول صفة الله تعالى 16
6 نقد في باب الرد على من رأى كتمان أحاديث صفات الله تعالى 19
7 نقد باب أن الله تبارك وتقدس وتعالى شيء 23
8 نقد باب أن الله عز وجل شخص 24
9 تنبيه 25
10 نقد باب إثبات النفس لله عز وجل 26
11 نقد باب الدليل على أنه تعالى في السماء 27
12 نقد باب وضع الله عز وجل قدمه على الكرسي 29
13 نقد باب إثبات الحد لله عز وجل 31
14 نقد باب في إثبات الجهات لله عز وجل 32
15 نقد باب إثبات الصورة له عز وجل 34
16 نقد باب إثبات العينين له تعالى وتقدس 36
17 نقد باب إثبات اليدين لله عز وجل 38
18 نقد باب خلق الله الفردوس بيده 39
19 نقد باب إثبات الخط لله عز وجل 41
20 نقد باب أخذ الله صدقة المؤمن بيده 42
21 نقد باب إثبات الأصابع لله عز وجل 43
22 نقد باب إثبات الضحك لله عز وجل 46
23 نقد باب إثبات القدم لله عز وجل 48
24 نقد باب الدليل على أن القدم هو الرجل 51
25 نقد باب إثبات الهرولة لله عز وجل 53
26 نقد باب إثبات نزوله إلى السماء الدنيا 54
27 نقد باب إثبات رؤيتهم إياه عز وجل في الجنة 57
28 خاتمة فيها مسائل 58
29 بيني وبين الشيخ بكر 67