فتح المعين - حسن بن علي السقاف - الصفحة ١٧
قلت: استدل على أن الأصبع صفة الله تعالى (11)، بأن النبي (ص) أقر اليهودي على ما قال، وبأن في بعض طرق الحديث زيادة: تعجبا وتصديقا له. وهذا لا يكفي أبدا في إثبات صفة الله تعالى، واعتقادها كما يعتقد غيرها الثابت بطريق اليمين.
تصديق وليس كذلك، فان قيل قد صح حديث: (إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن) فالجواب: أنه إذا جاءنا مثل هذا في كلام الصادق تأولناه أو توقفنا فيه إلى أن يتبين وجهه مع القطع باستحالة ظاهره... اه‍ كلام القرطبي وترجيح الحافظ بعد ذلك التأويل على رد ما فهمه الراوي غير متجه فليتأمل.
وهذه الأبواب التي يعقدها أمثال الهروي في تصوير أن الله شخص له أصابع وأيدي ورجل وقدم وعين واعين وعينان وصورة وحد هو العودة إلى الوثنية الأولى بلا شك ولا ريب وما كتبه الإمام الكوثري في مقالاته وغيرها عن أهل هذه النحلة فلا شك في صحته وادعاؤه عليهم بأنهم وثنيون كعباد الأصنام لا ريب فيه، لأنهم متغافلون عن التنزيه الذي هو الأصل الثابت في كتاب الله وفي كلام رسوله التالي لقوله تعالى:
(وما قدروا الله حق قدره) ولقوله تعالى (ولم يكن له كفوا أحد) ولقوله تعالى: (ليس كمثله شئ) وقوله (ص) في دعائه: (اللهم أنت الأول فليس قبلك شئ وأنت الآخر فليس بعدك شئ وأنت الظاهر فليس فوقك شئ وأنت الباطن فليس دونك شئ...) الحديث رواه مسلم وإقراره (ص) لمن أثنى على الله تعالى فقال: (يامن لا تراه العيون ولا تخالطه الظنون ولا يصفه الواصفون ولا تغيره الحوادث...) الحديث رواه الطبراني بسند صحيح انظر مجمع الزوائد (10 / 158).

(11) لا أعتقد أن عاقلا يستدل بهذا الحديث على إثبات الأصبع صفة لله تعالى وخصوصا على ظاهره وحقيقته، والعجيب الغريب وإن كان لا عجب من حشوية الحنابلة أن الحافظ أبو بكر بن العربي قال في العواصم (2 / 83 2): أخبرني من أثق به من مشيختي أن القاضي أبا يعلى الحنبلي كان إذا ذكر الله سبحانه يقول فيما ورد من هذه الظواهر في صفاته تعالى: (ألزموني ما شئتم فاني التزمه إلا اللحية والعورة) قال بعض أئمة أهل الحق وهذا كفر قبيح واستهزاء بالله تعالى شنيع وقائله جاهل به تعالى لا يقتدى به ولا يلتفت إليه ولا متبع لإمامه الذي ينتسب إليه ويتستر به بل هو شريك للمشركين في عبادة الأصنام فإنه ما عبد الله ولا عرفه، وإنما صور صنما في نفسه فتعالى الله عما يقول الملحدون والجاحدون علوا كبيرا اه‍.
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 توطئة 3
2 تقديم 4
3 فتح المعين بنقد كتاب الأربعين 11
4 مقدمة 12
5 نقد باب إيجاب قبول صفة الله تعالى 16
6 نقد في باب الرد على من رأى كتمان أحاديث صفات الله تعالى 19
7 نقد باب أن الله تبارك وتقدس وتعالى شيء 23
8 نقد باب أن الله عز وجل شخص 24
9 تنبيه 25
10 نقد باب إثبات النفس لله عز وجل 26
11 نقد باب الدليل على أنه تعالى في السماء 27
12 نقد باب وضع الله عز وجل قدمه على الكرسي 29
13 نقد باب إثبات الحد لله عز وجل 31
14 نقد باب في إثبات الجهات لله عز وجل 32
15 نقد باب إثبات الصورة له عز وجل 34
16 نقد باب إثبات العينين له تعالى وتقدس 36
17 نقد باب إثبات اليدين لله عز وجل 38
18 نقد باب خلق الله الفردوس بيده 39
19 نقد باب إثبات الخط لله عز وجل 41
20 نقد باب أخذ الله صدقة المؤمن بيده 42
21 نقد باب إثبات الأصابع لله عز وجل 43
22 نقد باب إثبات الضحك لله عز وجل 46
23 نقد باب إثبات القدم لله عز وجل 48
24 نقد باب الدليل على أن القدم هو الرجل 51
25 نقد باب إثبات الهرولة لله عز وجل 53
26 نقد باب إثبات نزوله إلى السماء الدنيا 54
27 نقد باب إثبات رؤيتهم إياه عز وجل في الجنة 57
28 خاتمة فيها مسائل 58
29 بيني وبين الشيخ بكر 67