شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١٢١
ابن أفلح مولى ابن القيس، يقول: لقيني في ذلك اليوم وأنا غلام رجل من أصحاب ابن عطية، فقال لي: ما اسمك يا غلام؟ فقلت: العلاء، فقال: ابن من؟ قلت: ابن أفلح، قال: أعربي أم مولى؟ فقلت: مولى، قال: مولى من؟ قلت: مولى أبى الغيث، قال:
فأين نحن؟ قلت بالمعلى، قال: فأين نحن غدا؟ قلت: بغالب (1)، قال: فما كلمني حتى أردفني خلفه، ومضى حتى أدخلني على ابن عطية، وقال له: أيها الأمير، سل الغلام ما اسمه؟
فسأل وأنا أرد عليه القول، فسر بذلك، ووهب لي دراهم.
قال أبو الفرج: وقدم أبو حمزة، وأمامه بلج بن عقبة في ستمائة رجل، ليقاتل عبد الملك ابن عطية، فلقيه بوادي، القرى لأيام خلت من جمادى الأولى سنة ثلاثين ومائة، فتواقفوا، ودعاهم بلج إلى الكتاب والسنة، وذكر بنى أمية وظلمهم، فشتمه أهل الشام، وقالوا:
يا أعداء الله، أنتم أحق بهذا ممن ذكرتم. فحمل بلج وأصحابه عليهم، وانكشفت طائفة من أهل الشام، وثبت ابن عطية في عصبة صبروا معه، فناداهم: يا أهل الشام، يا أهل الحفاظ، ناضلوا عن دينكم وأميركم، واصبروا وقاتلوا قتالا شديدا، فقتل بلج وأكثر أصحابه، وانحازت قطعة من أصحابه نحو المائة إلى جبل اعتصموا به، فقاتلهم ابن عطية ثلاثة أيام، فقتل منهم سبعين رجلا، ونجا منهم ثلاثون.
فرجعوا إلى أبى حمزة وهو بالمدينة، وقد اغتموا وجزعوا من ذلك الخبر، وقالوا: فررنا من الزحف، فقال لهم أبو حمزة: لا تجزعوا فإنا لكم فئة (2)، وإلى تحيزتم.
وخرج أبو حمزة إلى مكة، فدعا عمر بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أهل المدينة إلى قتال المفضل، خليفة أبى حمزة على المدينة، فلم يجد إليه أحدا، لان القتل قد كان أسرع في الناس، وخرج وجوه أهل البدعة، فاجتمع إلى عمر البربر والزنوج وأهل السوق، فقاتل

(1) وغالب: صنعان بالحجاز.
(2) الفئة: الجماعة المتظاهرة التي يرجع بعضها إلى بعض في التعاضد.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175