شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١١٨
أمه ما أضعفها وأضيعها! ومضوا على ذلك من سيئ أعمالهم واستخفافهم بكتاب الله، قد نبذوه وراء ظهورهم، فالعنوهم لعنهم الله لعنا، [كما يستحقونه] (1). ولقد ولى منهم عمر بن عبد العزيز فاجتهد ولم يكد، وعجز عن الذي أظهر، حتى مضى لسبيله.
قال: ولم يذكره بخير ولا بشر، ثم قال: وولى بعده يزيد بن الوليد عبد الملك، غلام سفيه ضعيف، غير مأمون على شئ من أمور المسلمين، لم يبلغ أشده، ولم يؤنس رشده، وقد قال الله عز وجل: (فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) وأمر أمة محمد صلى الله عليه وأحكامها وفروجها ودمائها أعظم عند الله من مال اليتيم، وإن كان عند الله عظيما، غلام مأبون في فرجه وبطنه، يأكل الحرام، ويشرب الخمر، ويلبس بردين قد حيكا من غير حلهما، وصرفت أثمانهما في غير وجهها، بعد أن ضربت فيهما الأبشار (2)، وحلقت فيهما الاشعار، استحل ما لم يحله الله لعبد صالح، ولا لنبي مرسل، فأجلس حبابة عن يمينه، وسلامة عن يساره، يغنيانه بمزامير الشيطان، ويشرب الخمر الصراح، المحرمة نصا بعينها، حتى إذا أخذت منه مأخذها، وخالطت روحه ولحمه ودمه، وغلبت سورتها على عقله، مزق برديه، ثم التفت إليهما، فقال: أتأذنان لي بأن أطير! نعم فطر إلى النار، طر إلى لعنة الله، طر إلى حيث لا يردك الله.
ثم ذكر بنى أمية وأعمالهم، فقال: أصابوا إمرة ضائعة، وقوما طغاما جهالا لا يقومون لله بحق، ولا يفرقون بين الضلالة والهدى، ويرون أن بنى أمية أرباب لهم، فملكوا الامر، وتسلطوا فيه تسلط ربوبية، بطشهم بطش الجبابرة، يحكمون بالهوى، ويقتلون على الغضب ويأخذون بالظن، ويعطلون الحدود بالشفاعات، ويؤمنون الخونة، ويعصون ذوي

(1) من ب.
(2) الأبشار: جمع بشر، وهو جمع بشرة، ظاهر الجلد، أي ضرب الناس في جباية الأموال.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175