شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١١٢
إلى من ظلمكم، وجار في الحكم عليكم، ولا تجعلوا حدنا بكم، فأنا لا نريد قتالكم، فشتمهم أهل المدينة، وقالوا: يا أعداء الله، أنحن نخليكم، ونترككم (1) تفسدون في الأرض!
فقالت الخوارج: يا أعداء الله، أنحن نفسد في الأرض، إنما خرجنا لنكف الفساد ونقاتل من قاتلنا منكم، واستأثر بالفئ، فانظروا لأنفسكم، واخلعوا من لم يجعل الله له طاعة فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فأدخلوا في السلم، وعاونوا أهل الحق.
فناداه عبد العزيز: ما تقول في عثمان؟ قال: قد برئ منه المسلمون قبلي، وأنا متبع آثارهم، ومقتد بهم، قال: رجع إلى أصحابك فليس بيننا وبينكم إلا السيف، فرجع إلى أبى حمزة فأخبره، فقال: كفوا عنهم، ولا تقاتلوهم حتى يبدأوكم بالقتال، فواقفوهم ولم يقاتلوهم، فرمى رجل من أهل المدينة بسهم في عسكر أبى حمزة، فجرح منهم رجلا، فقال أبو حمزة: شأنكم الآن، فقد حل قتالهم، فحملوا عليهم فثبت بعضهم لبعض وراية قريش مع إبراهيم بن عبد الله بن مطيع، ثم انكشف أهل المدينة، فلم يتبعوهم، وكان على عامتهم صخر بن الجهم بن حذيفة العدوي، فكبر وكبر الناس معه، فقاتلوا قليلا، ثم انهزموا فلم يبعدوا حتى كبر ثانية، فثبت معه ناس وقاتلوا، ثم انهزموا هزيمة لم يبق بعدها منهم باقية.
فقال علي بن الحصين لأبي حمزة: اتبع آثار القوم، أو دعني أتبعهم، فأقتل المدبر، وأذفف (2) على الجريح، فإن هؤلاء شر علينا من أهل الشام، ولو قد جاءك أهل الشام غدا لرأيت من هؤلاء ما تكره، قال: لا أفعل، ولا أخالف سيرة أسلافنا.
وأخذ جماعة منهم أسرا وأراد إطلاقهم، فمنعه علي بن الحصين، وقال: إن لكل

(1) الأغاني: (وندعكم).
(2) يذفف على الجريح: يقضى عليه.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175