شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١٠٨
وآثار نقتدي بها، ونشهد أن الله صادق فيما وعد، وعدل فيما حكم، وندعو إلى توحيد الرب واليقين، بالوعد والوعيد، وأداء الفرائض، والامر بالمعروف والنهى عن المنكر، والولاية لأهل ولاية الله، والعداوة لأعداء الله. أيها الناس إن من رحمه الله أن جعل في كل فترة بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون على الألم في جنب الله، ويقتلون على الحق في سالف الأيام، شهداء فما نسيهم ربهم، وما كان ربك نسيا. أوصيكم بتقوى الله وحسن القيام على ما وكلتم بالقيام عليه، وقابلوا الله حسنا في أمره وزجره، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
قال: وأقام عبد الله بن يحيى بصنعاء أشهرا، يحسن السيرة في الناس، ويلين جانبه لهم، ويكف الأذى عنهم، وكثر جمعه، وأتته الشراة من كل جانب، فلما كان في وقت الحج وجه أبا حمزة المختار بن عوف، وبلخ بن عقبة، وأبرهة بن الصباح إلى مكة، والأمير عليهم أبو حمزة في الف، وأمره أن يقيم بمكة إذا صدر الناس، ويوجه بلجا إلى الشام، فأقبل المختار إلى مكة يوم التروية، وعليها وعلى المدينة عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك في خلافة مروان بن محمد بن مروان، وأم عبد الواحد بنت عبد الله بن خالد بن أسيد، فكره عبد الوحد قتالهم، وفزع الناس منهم حين رأوهم وقد طلعوا عليهم بعرفة ومعهم أعلام سود في رؤوس الرماح، وقالوا: لهم ما لكم وما حالكم؟ فأخبروهم بخلافهم مروان وآل مروان والتبري منهم، فراسلهم عبد الواحد في ألا يعطلوا على الناس حجتهم، فقال أبو حمزة: نحن بحجنا أضن، وعليه أشح، فصالحهم على أنهم جميعا آمنون بعضهم من بعض، حتى ينفر الناس النفر الأخير، وأصبحوا من الغد، ووقفوا بحيال عبد الواحد بعرفة ودفع عبد الواحد بالناس، فلما كانوا بمنى، قيل لعبد الواحد: قد أخطأت فيهم، ولو حملت عليهم الحاج ما كانوا إلا أكلة رأس (1).

(1) أكلة رأس، أي عددهم قليل يكفيهم رأس واحد.
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175