الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٥٧
والكلام عليهم يأتي عند ذكرنا حديث المستحاضة إن شاء الله وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن حي الفصد والحجامة والرعاف وكل نجس يخرج من الجسد من أي موضع يوجب الوضوء وقال الأوزاعي إذا كان دما عبيطا (1) فعليه الوضوء وإن كان مثل دم اللحم فلا وضوء فيه وأما قوله ولا يتوضأ إلا من حدث يخرج من قبل أو دبر أو نوم فإنه أراد ما كان من الأحداث معتادا وهو البول والرجيع (2) ففيهما وردت الكناية لقوله تعالى * (أو جاء أحد منكم من الغائط) * [النساء 43 والمائدة 6] ولا وضوء عنده في الدم الخارج من الدبر ولا في الدود إلا أن يخرج معهما شيء من الأذى لأن ذلك ليس من معنى ما قصد بذكر المجيء من الغائط وذكر بن عبد الحكم عن مالك قال من خرج من دبره دود أو دم فلا وضوء عليه وقال سحنون من خرج من دبر دود فعليه الوضوء لأنها لا تسلم من بلة وقال الشافعي كل ما خرج من السبيلين الذكر والدبر من دود أو حصاة أو دم أو غير ذلك ففيه الوضوء لإجماعهم على أن المذي (3) والودي (4) فيهما الوضوء وليسا من المعتادات التي يقصد الغائط لهما وكذلك ما يخرجه الدواء ليس معتادا وفيه الوضوء بإجماع وقد أجمعوا على أن الريح الخارجة من الدبر حدث يوجب الوضوء واجتمعوا على أن الجشاء ليس فيه وضوء بإجماع وقد أجمعوا على أن الريح الخارجة من الدبر حدث فدل ذلك على مراعاة المخرجين فقط وبقولي الشافعي في ذلك كله يقول بن عبد الحكم قال الشافعي والدود والدم إذا خرجا من غير المخرج فلا وضوء في شيء منهما ووافق أبو حنيفة وأصحابه في الدود وخالفوه في الدم على ما قدمنا عنهم وعن الأوزاعي في الدود روايتان إحداهما كقول الشافعي والأخرى كقول مالك
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»