الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٥٤
بالصب على بول الأعرابي (1) على أن النجاسة إذا وردت على الماء أفسدته وإذا ورد الماء عليها طهرها إلا أن تغلب عليه لأنها لو أفسدته مع وروده عليها لم تصح طهارة أبدا في شيء من الأشياء وشرطوا أن يكون ورود الماء على النجاسة صبا مهراقا قال أبو عمر هذا خلاف أصلهم أن الشك لا يوجب شيئا وأن كل شيء على أصل حاله حتى يتبين خلافه وينبغي أن تكون اليد على طهارتها حتى تتبين فيها النجاسة وهذا عين الفقه وعليه الفقهاء لأن غسل اليد ها هنا هو عندهم ندب واستحسان واحتياط لا علة كما زعم من قال إن ذلك كان منه - عليه السلام - لأنهم كانوا يستنجون بالأحجار فيبقى للأذى هناك آثار فربما جالت اليد فأصابت ذلك الأذى فندبوا إلى غسل اليد قبل إدخالها في الإناء لذلك وقد يجوز أن يكون الأصل في مخرج النهي ما ذكر ثم ثبت الندب في ذلك لمن استنجى بالماء قياسا على المحدث النائم وينتقض على الشافعي أصله في ورود الماء على النجاسة وورودها عليه باعتبار القلتين لأن النجاسة عنده لو ورد الماء عليها فيما دون القلتين أفسدته إلا أن تكون غسلا وصبا مهراقا وسيأتي القول في حكم الماء في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله وأما معنى قول الله تعالى * (إذا قمتم إلى الصلاة) * [المائدة 6] فقال زيد بن أسلم وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي إن ذلك القيام من النوم وروي عن عمر وعلي ما يدل على أن الآية عني بها تجديد الوضوء لكل صلاة فيكون - على هذا - الوضوء لمن قام إلى الصلاة وهو محدث واجبا وعلى غير محدث ندبا وفضلا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة إلا يوما واحدا عام الفتح وكان جماعة من الصحابة يفعلون ذلك وقد ذكرنا الآثار بذلك كله في ((التمهيد
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»