الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٦٠
وأما مالك فاختلف عنه في ذلك فروى المصريون عنه خلاف رواية أهل المدينة فأما رواية أصحابه المصريين عنه فإن بن القاسم روى عن مالك في الجنب يغتسل في حوض من الحياض التي تسقى فيها الدواب ولم يكن غسل ما به من الأذى إن قد أفسد الماء وكذلك جوابه في إناء الوضوء يقع فيه مثل الإبر من البول إنه يفسده وروي عن مالك في الجنب يغتسل في الماء الدائم الكثير مثل الحياض التي تكون بين مكة والمدينة ولم يكن غسل ما به من الأذى إن ذلك لا يفسد الماء وهذا مذهب بن القاسم وأشهب وبن عبد الحكم كلهم يقول إن الماء القليل يفسده قليل النجاسة وإن الماء الكثير لا يفسده إلا ما غلب عليه من النجاسة أو غيرها فغيره عن حاله في لونه وطعمه وريحه ولم يحدوا حدا بين القليل والكثير ونحو هذا قال الشافعي إلا أنه حد في ذلك حدا لحديث القلتين فقال ما كان دون القلتين فحلت فيه نجاسة أفسدته وإن لم تظهر فيه وإذا بلغ الماء قلتين لم يفسده ما يحل فيه من النجاسة إلا أن تظهر فيه فتغير منه لونا أو طعما أو ريحا وحجته فيما ذهب إليه من ذلك حديث عبد الله بن عمر عن النبي - عليه السلام - أنه قال ((إذا كان الماء قلتين لم تلحقه نجاسة ولم يحمل خبثا)) (1) وبعض رواته يقولون ((إذا كان الماء قلتين أو ثلاثا)) وقد ذكرنا أسانيد هذا الحديث والعلة فيه في ((التمهيد)) واحتج الشافعي بأن الماء القليل تلحقه النجاسة إذا حلت فيه وإن لم يظهر فيه شيء منها بحديث ولوغ الكلب في الإناء (2) وبحديث ((إذا قام أحدكم من نومه)) (3) وبنحو ذلك من الأحاديث والقلتان عنده وعند أصحابه نحو خمس مئة رطل على ما قدرهما بعض رواه هذا الحديث
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»