عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ٢٩٧
21 ((باب إذا أذن له أو حلله ولم يبين كم هو)) أي: هذا باب يذكر فيه إذا أذن رجل له أي: لرجل آخر في استيفاء حقه. قوله: (أو حلله)، أي: أو حلل رجل رجلا آخر، وهذه رواية الكشميهني، وفي رواية غيره أو أحله له. قوله: (ولم يبين كم هو) أي: مقدار المأذون أو المحلل، ولم يذكر جواب إذا الذي هو جواب المسألة، لأن فيه تفصيلا، لأنا إذا قلنا: حديث هذا الباب مثل حديث أبي هريرة في: باب من كانت له مظلمة فحللها، هل يبين مظلمته؟ يكون فيه الخلاف المذكور هناك، ولكن حديث أبي هريرة مشتمل على الأمور الواجبة، وحديث الباب مشتمل على المكارمة وقلة التشاح، ولا يضر في هذا عدم معرفة المقدار، لأن الغلام فيه لو حلل من نصيبه الأشياخ وأذن في إعطائه لهم لكان ما حلل منه غير معلوم، لأنه لا يعرف مقدار ما كانوا يشربون، ولا مقدار ما كان يشرب هو، ولا شك أن سبيل ما يوضع للناس للأكل والشرب سبيله المكارمة وقلة المشاححة، فعلى هذا يقدر الجواب هنا: جائز أو يجوز.
1542 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ فقال للغلام أتأذن لي أن أعطي هؤلاء فقال الغلام لا والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحدا قال فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده..
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث، لأنه لو أذن الغلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم بدفع الشراب الذي شرب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأشياح الذين كانوا على يساره لكان تحليل الغلام غير معلوم، وكذلك مقدار شربهم وشربه، وكان دل ذلك على جوازه بلا خلاف من غير بيان مقداره، ولكنه مقيد بمثل هذا الباب كما ذكرنا، لا في الأبواب التي تتعلق بالواجبات، ويجري الخلاف فيها، من ذلك ما اختلف العلماء في هبة المشاع، فقال مالك وأبو يوسف ومحمد والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور: تجوز ويتأتى فيها القبض، كما يجوز فيها البيع، وسواء كان المشاع مما يقسم، كالدور والأرض، أو مما لا يقسم: كالعبد والثياب والجواهر، وسواء مما كان يقبض بالتخلية أو مما يقبض بالتحويل. وقال أبو حنيفة: إن كان المشاع مما يقسم لم تجز هبة شيء منه مشاعا، وإن كان مما لا يقسم تجوز هبته.
والحديث قد مضى في أوائل كتاب الشرب، فإنه أخرجه هناك: عن سعيد ابن أبي مريم عن أبي غسان عن أبي حازم عن سهل بن سعد، رضي الله تعالى عنه، وقد مضى الكلام فيه هناك. وأخرجه ههنا: عن عبد الله بن يوسف التنيسي عن مالك عن أبي حازم، بالحاء المهملة وبالزاي: سلمة بن دينار الأعرج، وهنا فيه زيادة، وهو قوله: فتله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في يده، فتلة، بالتاء المثناة من فوق وتشديد اللام ومعناه: دفعه إليه بقوة وعنف، قاله الخطابي. وقال غيره: وضعه في يده، وأنكر غيره هذه، واستدل بقوله تعالى: * (وتله للجبين) * (الصافات: 301). أي: صرعه لكن برفق لا بعنف، وقال ابن التين: من قال: الغلام، ابن عباس، يؤخذ منه أن الصبي يسمى غلاما، ومن قال: إنه الفضل، أخذ منه أن البالغ يسمى غلاما.
31 ((باب إثم من ظلم شيئا من الأرض)) أي: هذا باب في بيان حكم من ظلم شيئا من الأرض، يعني: استولى عليه. وفيه: إشارة إلى أن الغصب يتحقق في العقار، وأنه ليس بمخصوص بما يحول وينقل. وفيه: خلاف نذكره، إن شاء الله تعالى، ولم يذكر جواب: من، اكتفاء بما في الحديث.
25 - (حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال حدثني طلحة بن عبد الله أن
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 » »»