عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ٢٩٥
الخدري، وروى عنه ابنه سعيد وآخرون، وقال محمد بن عمر: كان ثقة كثير الحديث، توفي سنة مائة في خلافة عمر بن عبد العزيز، وقال الحربي: جعله عمر، رضي الله تعالى عنه، على حفر القبور فسمي المقبري، وأما ابنه سعيد فروى عن أبي هريرة وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمر ومعاوية بن أبي سفيان وأبي سعيد الخدري وعائشة وأم سلمة وآخرين، وقال علي بن المديني ومحمد بن سعد وأبو زرعة والنسائي وآخرون: ثقة، وكذا قال ابن خراش، وزاد: جليل أثبت الناس فيه الليث، وقال محمد بن سعد: مات سنة ثلاث وعشرين ومائة بالمدينة، روى له الجماعة وآخرون.
11 ((باب إذا حلله من ظلمه فلا رجوع فيه)) أي: هذا باب يذكر فيه إذا حلل المظلوم من ظلمه فلا رجوع فيه إن كان معلوما عند من يشترطه، أو مجهول عند من يجيزه على الخلاف الذي ذكرناه في الباب السابق.
0542 حدثنا محمد قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها في هاذه الآية * (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا) * (النساء: 821). قالت الرجل تكون عنده المرأة ليس بمستكثر منها يريد أن يفارقها فقالت أجعلك من شأني في حل فنزلت هاذه الآية في ذالك..
قال الداودي: ليست الترجمة مطابقة للحديث، لأن هذا فيما يأتي وليس بظلم، وقال الكرماني: فإن قلت: كيف دل، يعني: الحديث على الترجمة؟ قلت: الخلع عقد لازم لا رجوع فيه، وكذا لو كان التحليل بطريق الصلح أو الهبة أو الإبراد، ورد عليه بعضهم بقوله: قال الكرماني كذا فوهم، ومورد الحديث والآية إنما هو في حق من يسقط حقها من القسمة، وليس من الخلع في شيء. انتهى. قلت: نعم، قوله: الخلع عقد لازم لا رجوع فيه ليس بشيء، لأنه ما في الترجمة، ولا في الحديث شيى يدل على الخلع، ولكن قوله: وكذا... إلى آخره، له وجه، لأن الترجمة في تحليل من ظلمه ولا رجوع فيه. والحديث أيضا فيه التحليل على ما لا يخفى، ولكن يعكر عليه بشيء، وذلك لأن التحليل إسقاط الحق من المظلمة الفائتة ومضمون الآية إسقاط الحق المستقبل حتى لا يكون عدم الوفاء به مظلمة لسقوطه، ولكن وجه هذا بأن يقال: بأن البخاري تأنق في الاستدلال، فكأنه قال: إذا نفذ الإسقاط في الحق المتوقع فنفوذه في الحق المتحقق أولى وأجدر، وهذا هو وجه المطابقة بين الترجمة والحديث.
ذكر رجاله وهم خمسة: الأول: محمد بن مقاتل. الثاني: عبد الله بن المبارك. الثالث: هشام بن عروة. الرابع: عروة بن الزبير بن العوام. الخامس: أم المؤمنين، عائشة، رضي الله تعالى عنها.
ومن لطائف إسناده أن فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع، وبصيغة الإخبار كذلك في موضعين. وأن فيه: العنعنة في موضعين وأن شيخه وشيخ شيخه مروزيان وأن هشاما وأباه عروة مدنيان.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن محمد عن عبد الله أيضا، ولكنه في التفسير نسبهما، وههنا لم ينسبهما، كما ترى.
ذكر معناه: قوله: (في هذه الآية)، أشار به إلى قوله تعالى: * (وإن امرأة خافت...) * (النساء: 821). الآية. قوله: (قالت)، أي: عائشة. قوله: (الرجل عنده المرأة...) إلى آخره، مقول القول: (والرجل) مرفوع بالابتداء وخبره قوله: (يريد أن يفارقها) وقوله: (عنده المرأة ليس بمستكثر منها) جملتان حاليتان، والجمل بعد المعرفة تقع حالا، وبعد النكرة صفة. ومعنى قوله: (ليس بمستكثر منها): ليس بطالب كثرة الصحبة منها، ويريد مفارقتها إما لكبرها أو لدمامتها أو لسوء خلقها أو لكثرة شرها أو غير ذلك. قوله: (فقالت)، أي: تلك المرأة: (أجعلك من شأني) أي: من أجل شأني (في حل) من مواجب الزوجية وحقوقها. قوله: (فنزلت هذه الآية) أي: قوله تعالى: * (وإن امرأة خافت من بعلها...) * (النساء: 821). الآية قوله: (في ذلك)، أي: في أمر هذه المرأة. قوله: * (وإن امرأة خافت) * (النساء: 821). أي: وإن خافت امرأة من بعلها أي: من زوجها نشوزا، والنشوز منه أن يسيء عشرتها ويمنعها النفقة. قوله: * (أو إعراضا) * (النساء: 821). الإعراض منه كراهته إياها وإرادته مفارقتها، فإذا كان كذلك: * (فلا جناح عليهما أن يصالحا بينهما
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 » »»