عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ٢٨٤
الاستيلاء على مال الغير ظلما. وقيل: أخذ حق الغير بغير حق، وهذه الترجمة هكذا هي في رواية المستملي وفي رواية غيره سقط لفظ: كتاب هكذا في المظالم والغصب، وفي رواية النسفي: كتاب الغصب: باب في المظالم.
وقول الله تعالى: * (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم) * رافعي رؤوسهم المقنع والمقمح واحد (إبراهيم: 412، 24 و 34).
وقول الله بالجر عطف على ما قبله، ووقع في رواية أبي ذر من قوله: * (ولا تحسبن الله غافلا) * (إبراهيم: 412، 24 و 34). إلى قوله: * (عزيز ذو انتقام) * (إبراهيم: 64). وهي ست آيات في أواخر سورة إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، وفي رواية غيره: * (ولا تحسبن الله غافلا) * (إبراهيم: 412، 24 و 34). وساق الآية فقط. قوله: * (ولا تحسبن الله غافلا) * (إبراهيم: 412، 24 و 34). إن كان الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم فمعناه التثبيت على ما كان عليه من أنه لا يحسبه غافلا كما في قوله تعالى: * (ولا تكونن من المشركين) * (الأنعام: 41، يونس: 501، القصص: 78). وإن كان الخطاب لغيره ممن يجوز أنه يحسبه غافلا لجهله بصفاته فلا يحتاج إلى تقدير شيء. وقال الزمخشري: ويجوز أن يراد: ولا تحسبنه يعاملهم معاملة الغافل عما يعملون، ولكن معاملة الرقيب عليهم المحاسب على النقير والقطمير. قوله: * (إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار) * (إبراهيم: 412، 24 و 34). أي: أبصارهم، لا تقر في أماكنهم من هول ما ترى. قوله: * (مهطعين) * (إبراهيم: 412، 24 و 34). يعني: مسرعين إلى الداعي، وقيل: الإهطاع: أن تقبل ببصرك على المرئي وتديم النظر إليه لا تطرف. قوله: * (مقنعي رؤوسهم) * (إبراهيم: 412، 24 و 34). أي: رافعي رؤسهم، كذا فسره مجاهد: * (ولا يرتد إليهم طرفهم) * (إبراهيم: 412، 24 و 34). أي: لا يطرفون، ولكن عيونهم مفتوحة ممدودة من غير تحريك الأجفان * (وأفئدتهم هواء) * (إبراهيم: 412، 24 و 34). أي: خلاء، وهو الذي لم تشغله الأجرام أي: لا فوة في قلوبهم ولا جراءة ويقال للأحمق أيضا: قلبه هواء، وعن ابن جريج: هواء أي: صفر من الخير خالية عنه. قوله: (المقنع والمقمح واحد)، كذا ذكره أبو عبيدة، أي: هذه الكلمة بالنون والعين وبالميم والحاء معناهما واحد، وهو: رفع الرأس. وحكى ثعلب أن لفظة: اقنع مشترك بين معنيين، يقال؛ أقنع إذا رفع رأسه، واقنع إذا يطأطئه، ويحتمل الوجهين هنا: أن يرفع رأسه ينظر ثم يطاطئه ذلا وخضوعا.
وقال مجاهد مهطعين أي مديمي النظر ويقال مسرعين * (لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء) * (إبراهيم: 412، 24 و 34). يعني جوفا لا عقول لهم تفسير مجاهد أخرجه الفريابي عنه، وقد ذكرنا معنى: * (لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء) * (إبراهيم: 412، 24 و 34). قوله: (جوفا) بضم الجيم جمع: أجوف، قوله: (يعني، لا عقول لهم) كذا فسره أبو عبيدة في (المجاز)، وقيل: معنى: * (وأفئدتهم هواء) * (إبراهيم: 412، 24 و 34). نزعت أفئدتهم من أجوافهم.
وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أو لم تكونو أقسمتم من قبل مالكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام) * (إبراهيم: 64).
قد ذكرنا أن في رواية أبي ذر سيق من قوله: * (ولا تحسبن الله غافلا) * (إبراهيم: 412، 24 و 34). إلى قوله: * (عزيز ذو انتقام) * (إبراهيم: 64). ست آيات، وفي رواية غيره آية واحدة فقط وهي الآية الأولى. قوله: * (وانذر الناس) * الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم أمره بإنذار الناس وتخويفهم. قوله: * (يوم يأتيهم العذاب) * (إبراهيم: 64). وهو يوم القيامة وهو مفعول ثان: لأنذر. قوله: * (أخرنا إلى أجل قريب) * (إبراهيم: 64). يعني: ردنا إلى الدنيا وأمهلنا إل أجل وحد من الزمان قريب نتدارك ما فرطنا فيه من إجابة دعوتك واتباع رسلك. قوله: * (أو لم تكونوا أقسمتم) * (إبراهيم: 64). أي: يقال لهم: أو لم تكونوا حلفتم أنكم باقون في الدنيا لا تزالون بالموت والفناء حتى كفرتم بالبعث وسكنتم في مساكن الذين ظلموا من قبلكم * (وتبين لكم) * (إبراهيم: 64). ظهر لكم ما فعلنا بهم من أنواع الزوال بموتهم وخراب مساكنهم والانتقام منهم، بعضها بالمشاهدة
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»