عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ٢٩٢
لأبي بكر، رضي الله تعالى عنه: (ما من عبد ظلم مظلمة فعفا عنها إلا أعز الله بها نصره). وأخرج الطبري عن السدي في قوله: * (أو تعفوا عن سوء) * (النساء: 941). أي: عمن ظلم.
وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين (الشورى: 04).
أي: وقوله تعالى: * (وجزاء سيئة...) * (الشورى: 04). وقوله: * (وجزاء سيئة) * (الشورى: 04). إلى قوله: * (من سبيل) * (الشورى: 04). آيات متناسقة من سورة حم عسق، وروى ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: * (وجزاء سية سيئة مثلها) * (الشورى: 04). قال: إذا شتمك شتمته بمثلها من غير أن تعتدي، وعن الحسن رخص له إذا سبه أحد أن يسبه، ويقال: يريد بقوله: * (وجزاء سيئة سيئة مثلها) * (الشورى: 04). القصاص في الجراح المتماثلة، وإذا قال: أخزاه الله، أو: لعنه الله، قابله بمثله، وسميت الثانية: سيئة، لازدواج الكلام ليعلم أنه جزاء على الأولى.
* (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم ولمن صبر وغفر إن ذالك لمن عزم الأمور وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل) * (الشورى: 14 44).
اللام في: * (ولمن انتصر) * للتأكيد أي: انتقم. قوله: * (بعد ظلمه) * من إضافة المصدر إلى المفعول. قوله: * (فأولئك) * إشارة إلى معنى من دون لفظه * (ما عليهم من سبيل) * للمعاقب، والمعنى: أخذ حقه بعد أن ظلم فأولئك ما عليهم من سبيل إلى لومه، وقيل: ما عليهم من إثم، إنما السبيل باللوم والإثم على الذين يظلمون الناس، يبتدرون الناس بالظلم ويبغون في الأرض يتكبرون فيها ويقتلون ويفسدون عليهم بغير الحق، أولئك لهم عذاب أليم أي: مؤلم، ولمن صبر على الظلم والأذى ولم ينتصر وفوض أمره إلى الله إن ذلك الصبر والمغفرة منه لمن عزم الأمور، أي: من الأمور التي ندب إليها، والعزم: الإقدام على الأمر بعد الروية والفكر. قوله: * (ومن يضلل الله) * أي: ومن يخلق الله تعالى فيه الضلالة، فما له من ولي من بعده وليس له من ناصر يتولاه من بعد إضلاله إياه. قوله: * (وترى الظالمين) * أي: الكافرين لما رأوا العذاب أي: لما يرون، فجاء بلفظ الماضي تحقيقا * (يقولون هل إلى مرد من سبيل؟) * أي: هل إلى رجعة إلى الدنيا من حيلة، فنؤمن بك؟ وذكر هذه الآيات الكريمة لأنها تتضمن عفو المظلوم وصفحه واستحقاقه الأجر الجميل والثواب الجزيل.
8 ((باب الظلم ظلمات يوم القيامة)) أي: هذا باب يذكر فيه الظلم ظلمات، وهو جمع ظلمة وهو خلاف النور، وضم اللام فيه لغة، ويجوز في الظلمات ضم اللام وفتحها وسكونها، ويقال: أظلم الليل، والظلام أول الليل، والظلماء الظلمة، وربما وصف بها يقال ليلة ظلماء، أي: مظلمة، وظلم الليل بالكسر وأظلم بمعنى، وعن الفراء: أظلم القوم دخلوا في الظلام، قال الله تعالى: * (فإذا هم مظلمون) * (يس: 73). قوله: (يوم القيامة)، نصب على الظرف.
7442 حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا عبد العزيز الماجشون أخبرنا عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الظلم ظلمات يوم القيامة الترجمة هي عين الحديث، وأحمد هو ابن عبد الله بن يونس أبو عبد الله التميمي اليربوعي الكوفي، وعبد العزيز بن عبد الله ابن أبي سلمة الماجشون، واسم أبي سلمة: دينار، مات ببغداد سنة أربع وستين ومائة، والماجشون، بضم الجيم وفتحها وكسرها، وهذا لقب يعقوب بن أبي سلمة، وسمي بذلك ولده وأهل بيته، ولهذا يروى هنا: عبد العزيز بن الماجشون، وليس بلقب خاص لعبد العزيز، وسمي بذلك لأن وجنتيه كانتا حمراوان، وهو بالفارسية، وقد مر عبد العزيز في العلم ومر الكلام في معنى الماجشون.
والحديث أخرجه مسلم في الأدب عن محمد بن حاتم. وأخرجه الترمذي في البر عن عباس
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»