عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٨٦
المنقري التبوذكي. الثاني: أبو عوانة، بفتح العين المهملة وتخفيف الواو وبعد الألف نون، واسمه: الوضاح بن عبد الله اليشكري. الثالث: أبو بشر، بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة: واسمه جعفر بن أبي وحشية إياس اليشكري. الرابع: سعيد بن جبير. الخامس: عبد الله بن عباس.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: أن شيخه بصري وشيخ شيخه وأبا بشر واسطيان، وقيل: أبو بشر بصري وسعيد بن جبير كوفي. وفيه: أبو بشر عن سعيد وفي رواية شعبة حدثني سعيد بن جبير، ولمسلم من طريق عثمان بن حكيم: سألت سعيد بن جبير عن صيام رجب؟ فقال: سمعت ابن عباس...
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه مسلم في الصوم عن أبي الربيع الزهراني عن أبي عوانة به، وعن محمد بن بشار وأبي بكر بن نافع، وأخرجه الترمذي في الشمائل عن محمود بن غيلان. وأخرجه النسائي وابن ماجة جميعا فيه عن محمد ابن بشار به.
قوله: (ويصوم)، في رواية مسلم من الطريق التي أخرجها البخاري: (وكان يصوم). قوله: (غير رمضان)، قال الكرماني: تقدم أنه كان يصوم شعبان كله، ثم قال: إما أنه أراد بالكل معظمه، وإما أنه ما رأى إلا رمضان، فأخبر بذلك على حسب اعتقاده.
2791 حدثني عبد العزيز بن عبد الله قال حدثني محمد بن جعفر عن حميد أنه سمع أنسا رضي الله تعالى عنه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئا وكان لا تشاء تراه من الليل مصليا إلا رأيته ولا نائما إلا رأيته.
مطابقته للترجمة من حيث إنه يذكر عن صومه صلى الله عليه وسلم وعن إفطاره على الوجه المذكور فيه.
ورجاله أربعة: عبد العزيز ابن عبد الله بن يحيى أبو القاسم القرشي العامري الأويسي المدني وهو من أفراد البخاري، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير المدني، وحميد الطويل البصري.
والبخاري أخرجه أيضا في صلاة الليل بهذا الإسناد بعينه، وبعين هذا المتن، وقد مضى الكلام فيه، ونتكلم هنا لزيادة التوضيح وإن كان فيه تكرار فلا بأس به.
قوله: (حتى نظن) فيه ثلاثة أوجه الأول: نظن، بنون الجمع، والثاني: تظن، بتاء المخاطب، والثالث: يظن، بالياء آخر الحروف على بناء المجهول. قوله: (أن لا يصوم)، بفتح همزة: أن، ويجوز في يصوم الرفع والنصب، لأن: أن، إما ناصبة، و: لا، نافية، وإما مفسرة. و: لا ناهية. قوله: (وكان لا تشاء تراه) أي: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا تشاء، بتاء الخطاب، وكذلك تراه. وقوله: (إلا رأيته)، بفتح التاء، ومعناه: أن حاله، صلى الله عليه وسلم، في التطوع بالصيام والقيام كان يختلف، فكان تارة يصوم من أول الشهر، وتارة من وسطه، وتارة من آخره كما كان يصلي تارة من أول الليل وتارة من وسطه وتارة من آخره، فكان من أراد أن يراه في وقت من أوقات الليل قائما، أو في وقت من أوقات النهار صائما، فراقبه مرة بعد مرة فلا بد أن يصادفه قائما أو صائما على وفق ما أراد أن يراه، وهذا معنى الخبر، وليس المراد أنه كان يسرد الصوم، ولا أنه كان يستوعب الليل قائما. وقال الكرماني: كيف يمكن أنه متى شاء يراه مصليا ويراه نائما. ثم قال: غرضه أنه كانت له حالتان يكثر هذا على ذاك مرة، وبالعكس أخرى؟ فإن قلت: يعارض هذا قول عائشة في الحديث الذي مضى قبله: (وكان إذا صلى صلاة دام عليها). وقوله: الذي سيأتي في الرواية الأخرى: (وكان عمله ديمة)؟ قلت: المراد بذاك ما اتخذه راتبا، لا مطلق النافلة.
وقال سليمان عن حميد أنه سأل أنسا في الصوم قال بعضهم: كنت أظن أن سليمان هذا هو ابن بلال لكن لم أره بعد التتبع التام من حديثه فظهر أنه سليمان بن حيان أبو خالد الأحمر. انتهى. قلت: هذا الكرماني قال: سليمان هو أبو خالد الأحمر ضد الأبيض من غير ظن ولا حسبان، ولو قال مثل ما قاله لم يحوجه شيء إلى ما قاله، ولكنه كأنه لما رأى كلام الكرماني لم يعتمد عليه لقلة مبالاته، ثم لما فتش بتتبع تام ظهر له أن الذي قاله الكرماني هو هو، وفي جملة الأمثال: خبز الشعير يؤكل ويذم، وقد وصل البخاري هذا الذي ذكره معلقا
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»