عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٨٨
قال حدثني أبو سلمة قال حدثني عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث يعني إن لزورك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا فقلت وما صوم داود قال نصف الدهر..
مطابقته للترجمة في قوله: (إن لزورك عليك حقا)، والزور، هو الضيف.
ذكر رجاله وهم ستة: الأول: إسحاق، قال الغساني: لم ينسبه أبو نصر ولا غيره من شيوخنا، وذكر أبو نعيم في (المستخرج) بأنه ابن راهويه، لأنه أخرجه في مسنده عن أبي أحمد: حدثنا ابن شبرويه حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا هارون بن إسماعيل حدثنا علي بن المبارك. انتهى، وإسحاق ابن إبراهيم هو إسحاق بن راهويه، ثم قال: أخرجه البخاري عن إسحاق. الثاني: هارون بن إسماعيل أبو الحسن الخزاز. الثالث: علي بن المبارك الهنائي. الرابع: يحيى بن أبي كثير. الخامس: أبو سلمة بن عبد الرحمن. السادس: عبد الله بن عمرو بن العاص.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وبصيغة الإفراد في موضعين. وفيه: الإخبار بصيغة الجمع في موضع. وفيه: أن هارون بن إسماعيل ليس له في البخاري إلا حديثان: أحدهما، هذا والآخر في الاعتكاف، كلاهما من روايته عن علي بن المبارك. وفيه: القول في ثلاثة مواضع. وفيه: أن شيخه مروزي وهارون وعلي بصريان ويحيى طائي ويمامي وأبو سلمة مدني.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الصوم وفي النكاح عن محمد بن مقاتل عن عبد الله بن المبارك عن الأوزاعي، وفي الأدب عن إسحاق بن منصور عن روح بن عبادة عن حسين المعلم، ثلاثتهم عن يحيى بن أبي كثير عنه به، وأخرجه مسلم في الصوم عن زهير بن حرب عن روح به وعن عبد الله بن الرومي، وأخرجه النسائي فيه عن يحيى بن درست وعن إسحاق بن منصور وعن حميد بن مسعدة وعن أحمد بن بكار.
ذكر معناه: قوله: (دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم...) فذكر الحديث هكذا أورده ههنا مختصرا، وذكر ما يطابق الترجمة، وهو قوله: (فقال إن لزورك عليك حقا) والزور الضيف والرجل يأتيه زائر الواحد والاثنان والثلاثة، والمذكر والمؤنث في ذلك بلفظ واحد، يقال: هذا رجل زور ورجلان زور وقوم زور وامرأة زور، فيؤخذ في كل موضع ما يلائمه لأنه في الأصل مصدر وضع موضع الاسم، ومثل ذلك: هم قوم صوم وفطر وعدل، وقيل: الزور جمع: زائر، مثل: تاجر وتجر. قوله: (إن لزوجك عليك حقا)، وحقها هنا الوطء، فإذا سرد الزوج الصوم ووالى قيام الليل ضعف عن حقها، ويروى (لزوجتك) والأول أفصح، ويروى: (وإن لأهلك)، بدل: (زوجك)، والمراد بهم هنا الأولاد والقرابة ومن حقهم الرفق بهم والإنفاق عليهم وشبه ذلك. قوله: (فقلت)، القائل هو عبد الله بن عمرو بن العاص، وأما صوم داود، عليه الصلاة والسلام، فسيأتي في الحديث الذي يلي في الباب الذي يليه أنه صلى الله عليه وسلم لما قال له: فصم صيام نبي الله داود، عليه الصلاة والسلام، ولا تزد عليه!! قلت: وما كان صيام نبي الله داود، عليه الصلاة والسلام؟ قال: نصف الدهر، وسيأتي هو في: باب مستقل، إن شاء الله تعالى.
55 ((باب حق الجسم في الصوم)) أي: هذا باب في بيان حق الجسم في الصوم على المتطوع، وليس المراد بالحق ههنا بمعنى الواجب، بل المراد مراعاته والرفق به، كما يقال له: حق الصحبة على فلان، يعني مراعاته والتلطف به، فالصائم المتطوع ينبغي أن يراعي جسمه بما يقيمه ويشده لئلا يضعف فيعجز عن أداء الفرائض، وأما إذا خاف التلف على نفسه أو عضو من أعضائه التي يضره الجوع فحينئذ يتعين عليه أداء حقه حتى في الصوم الفرض أيضا. وقال بعضهم: المراد بالحق هنا المندوب. قلت: لا يطلق على الحق مندوب وإنما المراد منه ما ذكرناه.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»