عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٨٢
التطوع، فإن أقسم عليه أهل الوليمة فأفطر فلا بأس به، وإن كان يتأذى يفطر ويقضي، وبعد الزوال لا يفطر إلا إذا كان في تركه عقوق بالوالدين أو بأحدهما.
وفيه: مشروعية المواخاة في الله. وفيه: زيارة الإخوان والمبيت عندهم. وفيه: جواز مخاطبة الأجنبية للحاجة. وفيه: السؤال عما تترتب عليه المصلحة وإن كان في الظاهر لا يتعلق بالسائل. وفيه: النصح للمسلم وتنبيه من كان غافلا. وفيه: فضل قيام آخر الليل. وفيه: مشروعية تزيين المرأة لزوجها. وفيه: ثبوت حق المرأة على الزوج في حسن العشرة، وقد يؤخذ منه ثبوت حقها في الوطء. لقوله: (ولأهلك عليك حقا)، وفيه: جواز النهي عن المستحبات إذا خشي إن ذلك يفضي إلى السآمة والملل وتفويت الحقوق المطلوبة الواجبة أو المندوبة الراجح فعلها على فعل المستحب. وفيه: أن الوعيد الوارد على من نهى مصليا عن الصلاة مخصوص بمن نهاه ظلما وعدوانا. وفيه: كراهية الحمل على النفس في العبادة. وفيه: النوم للتقوي على الصيام، وفيه: النهي عن الغلو في الدين.
25 ((باب صوم شعبان)) أي: هذا باب في بيان فضل صوم شهر شعبان، وهذا الباب أول شروعه في التطوعات من الصيام، واشتقاق شعبان من الشعب، وهو الاجتماع، سمي به لأنه يتشعب فيه خير كثير كرمضان، وقيل: لأنهم كانوا يتشعبون فيه بعد التفرقة، ويجمع على: شعابين، وشعبانات، وقال ابن دريد: سمي بذلك لتشعبهم فيه، أي: لتفرقهم في طلب المياه. وفي (المحكم) سمي بذلك لتشعبهم في الغارات، وقال ثعلب: قال بعضهم: إنما سمي شعبانا لأنه: شعب، أي: ظهر بين رمضان ورجب، وعن ثعلب: كان شعبان شهرا تتشعب فيه القبائل، أي تتفرق لقصد الملوك والتماس العطية، وفي (التلويح): وأما الأحاديث التي في صلاة النصف منه فذكر أبو الخطاب أنها موضوعة، وفيها عند الترمذي حديث مقطوع قلت: هو الحديث الذي رواه الترمذي في: باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان، قال: حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا الحجاج بن أرطأة عن يحيى بن أبي كثير عن عروة: (عن عائشة قالت: فقدت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فخرجت فإذا هو بالبقيع، فقال: أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قلت: يا رسول الله! ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: إن الله عز وجل، ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم بني كلب). قال الترمذي: حديث عائشة لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الحجاج، وسمعت محمدا يضعف هذا الحديث، وقال: يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة، والحجاج لم يسمع من يحيى بن أبي كثير. وأخرجه ابن ماجة أيضا من طريق يزيد بن هارون، وقول أبي الخطاب: إنه مقطوع هو أنه منقطع في موضعين: أحدهما: ما بين الحجاج ويحيى، والآخر: ما بين يحيى وعروة. فإن قلت: أثبت ابن معين ليحيى السماع من عروة. قلت: اتفق البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم على أنه لم يسمع منه، والمثبت مقدم على النافي، ولئن سلمنا ذلك فهو مقطوع في موضع واحد، ولا يخرج عن الانقطاع.
وروى ابن ماجة من رواية ابن أبي سبرة عن إبراهيم بن محمد عن معاوية بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول: ألا من يستغفرني فأغفر له؟ ألا من يسترزق فأرزقه؟ ألا من مبتلى فأعافيه؟ ألا كذا؟ ألا كذا؟ حتى يطلع الفجر). وإسناده ضعيف، وابن أبي سبرة هو أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن سبرة مفتي المدينة وقاضي بغداد ضعيف، وإبراهيم بن محمد هو ابن أبي يحيى ضعفه الجمهور، ولعلي بن أبي طالب حديث آخر، قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة النصف من شعبان قام فصلى أربع عشرة ركعة، ثم جلس، فقرأ بأم القرآن أربع عشرة مرة...) الحديث. وفي آخره: (من صنع هكذا لكان له كعشرين حجة مبرورة، وكصيام عشرين سنة مقبولة، فإن أصبح في ذلك اليوم صائما كان له كصيام ستين سنة ماضية، وستين سنة مستقبلة). رواه ابن الجوزي في (الموضوعات) وقال: هذا موضوع، وإسناده مظلم. ولعلي، رضي الله تعالى عنه، حديث آخر رواه أيضا في (الموضوعات) فيه: (من صلى مائة ركعة في ليلة النصف من شعبان...) الحديث، وقال: لا شك أنه موضوع، وكان بين الشيخ تقي الدين بن الصلاح والشيخ عز الدين بن عبد السلام في هذه الصلاة مقاولات، فابن الصلاح يزعم أن لها أصلا من السنة، وابن عبد السلام ينكره.
وأما الوقود في تلك الليلة فزعم ابن دحية أن أول ما كان
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»