عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ٢٠٤
الصحيح. وقال ابن عمر: الأذان الأول بدعة، ذكره ابن أبي شيبة في (مصنفه) عنه: ثم البيع إذا وقع فعند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وزفر والشافعي: يجوز البيع مع الكراهة، وهو قول الجمهور. وقال مالك وأحمد والظاهرية: يبطل البيع. وفي (المحلى): يفسخ البيع إلى أن تقضى الصلاة، ولا يصححه خروج الوقت، ولو كانا كافرين، ولا يحرك نكاح ولا إجارة ولا سلم. وقال مالك: كذلك في البيع الذي فيه سلم، وكذا في النكاح والإجارة والسلم، وأباح الهبة والقرض والصدقة. وعن الثوري: البيع صحيح وفاعله عاص لله تعالى، وروى ابن القاسم عن مالك: أن البيع مفسوخ وهو قول أكثر المالكية، وروى عنه ابن وهب وعلي بن زياد: بئس ما صنع، ويستغفر الله تعالى. وقال عنه: ولا أرى الربح فيه حراما. وقال ابن القاسم: لا يفسح ما عقد من النكاح، ولا يفسخ الهبة والصدقة والرهن والحمالة. وقال أصبغ: يفسخ النكاح. وقال ابن التين: كل من لزمه التوجه إلى الجمعة يحرم عليه ما يمنعه منه من بيع أو نكاح أو عمل. قال: واختلف في النكاح والإجارة، قال: وذكر القاضي أبو محمد: أن الهبات والصدقات مثل ذلك. وقال أبو محمد: من انتقض وضوؤه فلم يجد ماء إلا بثمن جاز له أن يشتريه ليتوضأ به، ولا يفسخ شراؤه. قال الشافعي: في (الام): ولو تبايع رجلان ليسا من أهل فرض الجمعة لم يحرم بحال ولا يكره، وإذا بايع رجلان من أهل فرضها أو أحدهما من أهل فرضها. فإن كان قبل الزوال فلا كراهة، وإن كان بعده وقبل ظهور الإمام أو قبل جلوسه على المنبر أو قبل شروع المؤذن في الأذان بين يدي الخطيب كره كراهة تنزيه، وإن كان بعد جلوسه وشروع المؤذن فيه حرم على المتبايعين جميعا، سواء كان من أهل الفرض أو أحدهما، ولا يبطل البيع. وحرمة البيع ووجوب السعي مختصان بالمخاطبين بالجمعة، أما غيرهم كالنساء فلا يثبت في حقه ذلك، وذكر ابن أبي موسى في غير المخاطبين روايتين.
وقال عطاء: تحرم الصناعات كلها هذا التعليق عن عطاء بن أبي رباح وصله عبد بن حميد في (تفسيره الكبير) عن روح عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: هل من شيء يحرم إذا نودي بالأول سوى البيع؟ قال عطاء: إذا نودي بالأول حرم اللهو والبيع، والصناعات كلها بمنزلة البيع، والرقاد، وأن يأتي الرجل أهله، وأن يكتب كتابا.
وقال إبراهيم بن سعد عن الزهري إذا أذن المؤذن يوم الجمعة وهو مسافر فعليه أن يشهد إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أبو إسحاق الزهري القريشي المدني، كان على قضاء بغداد يروي عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وأخرج أبو داود في (مراسيله): حدثنا قتيبة عن أبي صفوان عن أبي ذئب (عن صالح بن أبي كثير أن ابن شهاب خرج لسفر يوم الجمعة من أول النهار، قال: فقلت له في ذلك، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج لسفر يوم الجمعة من أول النهار). ورواه ابن أبي شيبة: عن الفضل حدثنا ابن أبي ذئب عن ابن شهاب بغير واسطة، وقال ابن المنذر: اختلف فيه عن الزهري، وقد روى عنه مثل قول الجماعة. أي: لا جمعة على مسافر، كذا رواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري، وقال ابن المنذر: هو كالإجماع من أهل العلم على ذلك لأن الزهري اختلف عليه فيه. وقيل: يحمل كلام الزهري على حالين، فحيث قال: لا جمعة على مسافر، وأراد على طريق الوجوب. وحيث قال: فعليه أن يشهد، أراد على طريق الاستحباب. وأما رواية إبراهيم بن سعد عنه فيمكن أن تحمل على أنه إذا اتفق حضوره في موضع تقام فيه الجمعة فسمع النداء لها أنها تلزم المسافر، وقال ابن بطال: وأكثر العلماء على أنه لا جمعة على مسافر، حكاه ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب وابن عمر وأنس بن مالك وعبد الرحمن بن سمرة وابن مسعود ونفر من أصحاب عبد الله ومكحول وعروة بن المغيرة وإبراهيم النخعي وعبد الملك بن مروان والشعب وعمر بن عبد العزيز. ولما ذكر ابن التين قول الزهري، قال: إن أراد وجوبها فهو قول شاذ، وفي (شرح المهذب): أما السفر ليلها يعني: ليلة الجمعة قبل طلوع الفجر فيجوز عندنا، وعند العلماء كافة إلا ما حكاه العبدري عن إبراهيم النخعي قال: لا يسافر بعد دخول العشاء من يوم الخميس حتى يصلي الجمعة، وهذا مذهب باطل لا أصل له. انتهى. قلت: بل له أصل صحيح، رواه ابن أبي شيبة عن أبي معاوية عن ابن جريج عن عطاء عن عائشة، قالت: (إذا أدركتك ليلة الجمعة فلا تخرج حتى تصلي
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»